الاقتصاد المصرى يتعافى

إسلام عبد الرسول
أظهر الاقتصاد المصرى بوادر تعافى من الأزمات التى لحقت به جراء الصرعات الإقليمية المحيطة بالدولة، وتحقق نتائج إيجابية للعام المالى المنتهى، بينما سجلت الموازنة العامة للدولة فائضًا تاريخيًا، ونمت الإيرادات الضريبية بصورة كبيرة، مع تحسن الإنفاق على الحماية الاجتماعية.
حققت الموازنة العامة للدولة، أعلى قيمة فائض أولى بلغت نحو 629 مليار جنيه «3.6% من إجمالى الناتج المحلى»، وذلك بزيادة قدرها 80% مقارنة بالعام المالى 2023/2024، الذى سجل فائضًا أوليًا قدره 350 مليار جنيه على الرغم من الانخفاض الحاد فى إيرادات قناة السويس بنسبة 60% عن المستهدف، مما تسبب فى خسائر تقدر بنحو 145 مليار جنيه، مقارنة بما كان مدرجًا فى الموازنة العامة.
وسجلت الإيرادات الضريبية، أعلى معدل نمو خلال السنوات الماضية بلغ 35%، وذلك بفضل تنفيذ حزمة من التسهيلات الضريبية وتوسيع القاعدة الضريبية، وبناء حالة من الثقة واليقين والتسهيل مع مجتمع الأعمال.
وشهدت الإيرادات، نموًا بنحو 29%، ونسبة نمو المصروفات الأولية 3.16%، كما بلغ حجم الإيرادات الضريبية للعام المالى 2024/2025 مبلغ 2.204 مليار جنيه بزيادة قدرها 35.3% مقارنة بالعام المالى السابق.
الرهان على القطاع الخاص
أحمد كجوك، وزير المالية، أكد أن الرهان على القطاع الخاص «كان فى محله»، وانعكس بقوة فى نتائج الأداء المالى والاقتصادى للدولة المصرية، موضحًا أننا نبنى علاقة ثقة مع المستثمرين، وما أعلناه.. نفذناه، وأننا مستمرون فى دفع تنافسية الاقتصاد المصرى.
وزير المالية، أضاف: «إننا لدينا مؤشرات جيدة ومحفزة تعكس قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، فقد شهد الربع الثالث من العام المالى الماضى تسجيل معدل نمو بنسبة 4.7% مدفوعًا بزيادة 80% فى حجم الاستثمارات الخاصة فى أول 9 أشهر من العام المالى الماضى.
«كجوك»، أوضح أن قطاعات الصناعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات شهدت نموًا كبيرًا، وأن الصادرات ارتفعت بنحو 30%، لافتًا إلى تحقيق أعلى معدل فائض أولى خلال العام المالى الماضى بنسبة 3.6% من الناتج المحلى، رغم تراجع إيرادات قناة السويس وقطاع الطاقة.
جذب الممولين طواعية
ووفق تصريحاته، أشار «الوزير» إلى أن الإيرادات الضريبية زادت بأكثر من 35% دون فرض أى ضرائب أو أعباء جديدة، بل سهلنا وحفزنا لجذب الممولين طواعية، منوهًا بأن تجاوب وثقة شركائنا الممولين، مع إطلاق وتنفيذ الحزمة الأولى من «التسهيلات» يدفعنا لاستكمال مسار الثقة واليقين الضريبى.
وحول إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية خلال الفترة المقبلة لترسيخ الشراكة مع مجتمع الأعمال، قال «كجوك»: «إننا نعمل على إيجاد منظومة متكاملة وأكثر كفاءة لتسهيل وتسريع رد ضريبة القيمة المضافة»، لافتًا إلى أن البداية المطمئنة للعام المالى الجديد، تشجعنا لاستكمال المسار الاقتصادى الطموح، وأننا نؤمن بأن عجلة الاقتصاد كلما دارت بشكل أسرع، كانت النتائج المالية أفضل وأكثر استدامة.
فى ذات السياق، تابع «الوزير»: «إننا ملتزمون بمواصلة السياسات المالية المتوازنة لمساندة النمو الاقتصادى دون الإخلال بالاستقرار والانضباط المالى، وسندفع بمزيد من الإصلاحات لخلق أدوات جديدة للتمويل والإدخار والاستثمار لتوسيع دائرة النشاط الاقتصادى.
تدفق الاستثمارات المباشرة
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، أن هذا الإنجاز يأتى نتيجة تحسن ملحوظ فى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، مما عزز استقرار الاقتصاد المصرى، مضيفًا: «أن هذا يأتى استكمالًا للتحسن فى التصنيفات الدولية، إذ حظيت مصر بتقدير دولى كبير من مؤسسات عالمية بارزة بفضل مرونة سياستها النقدية، فضلًا عن إشادات دولية متكررة.
الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أرجع التحسن فى نتائج الموازنة إلى الانضباط المالى، ومساعى السيطرة على الدين العام، وضبط الإنفاق مع توجيهه للحماية الاجتماعية بصورة أكبر، لافتًا إلى أن استكمال مسار الضبط المالى سيضمن الخروج من الأزمة واستدامة النمو ومساحة أكبر للقطاع الخاص فى ظل شراكة حقيقية من خلال عدد من التيسيرات وتسهيل الإجراءات ومواصله التحفيز الضريبى.
دعم القطاعات الإنتاجية
«جاب الله»، أضاف: «أن دعم القطاعين الصناعى والتجارى، ساهم فى زيادة الإيرادات الضريبية بصورة كبيرة، وتفرغت الدولة للمبادرات الاجتماعية خاصة الصحة والتعليم، بما فى ذلك تعزيز برامج تكافل وكرامة، وتوسيع شبكة التأمين الصحى الشامل».
الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، أوضح أن مؤشرات الأداء الاقتصادى تعكس نجاح مساع الحكومة نحو استغلال موارد الدولة فى تحقيق الانضباط المالى، وخفض الدين العام، ومواجهة التحديات، مضيفًا: «أن استمرار المؤشرات النقدية، بالإضافة إلى المؤشرات المالية، تتطلب استكمال المسار الإيجابى من خلال رفع كفاءة الإنفاق العام وترشيد الإنفاق، مع تحسين استخدامات الموارد الدولارية وتدفقاته، خاصة من السياحة وتحويلات المصريين بالخارج».

إعادة هيكلة محفظة الديون
وعن خفض الدين العام، قال «الشافعى»: «إن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وضع أمام الحكومة تحديا كبيرا، وهو خفض الدين العام وإعادة هيكلة محفظة الديون، التى تعد أحد أهم التحديات لخفض المصروفات»، مشيرًا إلى أن الحكومة تتجه إلى إعادة هيكلة محفظة الديون، عبر الاعتماد بشكل أكبر على التمويل المحلى متوسط وطويل الأجل والتقليل من القروض قصيرة الأجل مرتفعة التكلفة،
«الشافعى»، أشار إلى تبنى الحكومة سياسة مالية متوازنة تتسم بالبعد الاجتماعى، أحد أهم الأسباب وراء ظهور نتائج إيجابية سريعة، حيث تتوازن بين حوافز للقطاع الخاص وقرارات حماية للمواطن البسيط، من خلال استمرار برامج الدعم النقدى والعينى، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، بما يحقق معادلة دقيقة بين النمو الاقتصادى والعدالة المجتمعية.