
محمود عبد الكريم
نعمة التخدير!
هل يمكنك أن تتخيل كيف كانت تجرى العمليات الجراحية الصعبة أو حتى البسيطة لو لم يتم اكتشاف البينج ومن ثم عمليات التخدير؟
واحدة من نعم الاكتشافات العلمية اكتشاف التخدير للمرضى قبل إجراء العمليات الجراحية ففى عام 1811 كان لا بد من إجراء جراحة إزالة صدر للروائية الإنجليزية فانى بورنى وكان العلماء لم يكتشفوا البينج أو عمليات التخدير بعد ولذا كانت جراحة إزالة ثدى الروائية فى ذلك الوقت بلا تخدير ولكم أن تتخيلوا عملية شق اللحم البشرى بدون تخدير والمشرط يجز اللحم وصاحبته حية ويقظة وترى ما يحدث بعينيها!
الحقيقة أن السيدة صرخت عاليًا ثم راحت فى إغماءة طويلة وبعد أن تمت العملية كان عذابها وألمها لا يحتمل.
فى الواقع لا يمكن وصف أو تخيل مدى الألم الذى كان المرضى يعانون منه أثناء التدخل الجراحى ولكن الآن أصبحت أدوية وإبر التخدير عنصرا أساسيا فى الطب عموما وفى العمليات الجراحية خصوصا، ولا يوجد إنسان على ظهر الأرض لم يتعرض ولو لمرة واحدة لإحدى عمليات التخدير فى مرحلة من مراحل حياته سواء أكان مخدرا موضعيا أو نصفيا أو كليا فى الجراحات الكبرى.
فى الماضى ربما مع مطلع القرن الحادى عشر كان الأطباء يبللون إسفنجات بعصير الماندريك والأفيون ووضعها على أنف المريض لينام ويصبح جسده مخدرا، ولكن مع القرن السابع عشر فصاعدا وفى أوروبا تحديدا أصبح الأفيون المذاب فى الكحول من مسكنات الأم وأحد أدوات التخدير ولكن هذه المسكنات كانت من الخطورة بدرجة كبيرة بل من الممكن أن تكون مميتة فى بعض الحالات وإذا زادت جرعته ولم تتكيف مع طبيعة جسد المريض كانت تؤدى إلى الهلوسة وأحيانا فقدان العقل أو فى أحسن الأحوال إذا تكررت عمليات التخدير من الممكن أن تؤدى إلى الإدمان!
ومع ذلك كانت هناك عمليات شديدة الخطورة قبل التمكن من علم التخدير مثل عمليات الولادة القيصرية أو بتر الأطراف وكانت إحدى مرحل التطور فى العمليات التخديرية هى الضغط أى أسلوب الضغط على الشرايين لجعل الإنسان مخدرا أو فاقدا للوعى أو الضغط على الأعصاب لإحداث خدر طبيعى ولكنه مفاجئ فى الأطراف.
ومن الحوادث التى يذكرها التاريخ بخصوص التخدير وتطوره ما حدث عام 1748 عندما حاول جراح بريطانى يدعى “جون هانتر” ضغط الأعصاب عن طريق عصابة شديدة الضغط على الأطراف وإحداث خدر فى الساق ونجحت العملية وتم بتر قدم المريض ولم يشعر بشىء من الألم!
ومن هذه النماذج علينا أن نعترف بفضل العلم والعلماء الذين جعلوا الأطباء يشقون الصدور ويخرجون القلوب على الطاولة لمعالجتها وإعادتها مرة أخرى لمكانها دون أن يشعر المريض بشىء فتحية للتخدير وأطباء التخدير.