الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أيها الأفاضل المحترمون: «السيرة الذاتية ليست منصبا»

أيها الأفاضل المحترمون: «السيرة الذاتية ليست منصبا»

دائمًا ما نبحث فى الحياة عن ذاتنا، عن مكانة نصل بها إلى «نظر المجتمع»، وكأن «نظر المجتمع» هو العرش الملكى المتوج لهذه الذات، فنحن تربينا على أن المجتمع هو المرصاد الأول، فتقييم «ذاتنا» يأتى من تقييم المجتمع لنا.. هذا ما جعل الكثير منا على الأرجح لا يهتم بالجوهر بقدر اهتمامه بالمظهر، فإذا كانت الأسرة تربى على أساس من القيم التى تهتم بالجوهر كى نصل إلى درجة من الإشباع النفسى وتقدير الذات، فالمجتمع يربى على أساس يهتم بالتركيز على الوصول لكل ما هو ظاهرى مادى حتى ننال شرف التقدير المجتمعى لنا... وما وصلنا إليه أن تقدير المجتمع لنا هو الأسمى حتى من تقديرنا لذاتنا.



تعتبر الإنجازات العملية التى نحققها واحدة من أهم معايير «تقييم المجتمع  للفرد»، فهى تأشيرة العبور التى يعترف بها المجتمع لبوابة «تحقيق الذات»، وأبسط مثال على ذلك.. هو كيفية تقييم صاحب العمل لك، فالتقييم على الأغلب يكون ظاهريا فقط، من خلال «سيرة ذاتية cv” بكماء لا تروى ما قد مررنا به من تحديات وصعوبات كى نصل إلى هنا!!، فنحن نعبر إلى الوظيفة بورقة (سيرة ذاتية cv) تسرد ما حققناه من إنجازات عملية ظاهرية، ولكن هل قمنا فعليًا بسرد “الإنجازات الحقيقية” التى جعلتنا نعبر لذاتنا (النفس) أولًا؟. 

فى كل مرة كنا نصل فيها إلى بوابة من الإنجاز العملى فى الحياة، كنا نمر قبلها بعدة “بوابات اختبار لأنفسنا”، كل بوابة منها تمثل بالفعل إنجازًا حقيقيًا لذاتنا، كل بوابة وضعت حجر الأساس فى تكوين جوهر الذات، هذا الحجر الراسخ الذى لا يزول حتى وإن زال كل ما وصلنا إليه... فكم مرة مررنا فى طريقنا _ لتحقيق إنجازاتنا العملية_ بصعوبات وعقبات وأوقات من الضعف واليأس والخوف وفقدان الشغف والاكتئاب والضيق والفشل كى نصل، ولكن نصل إلى ماذا؟! إلى إنجاز ظاهرى وهمى، أنا أرى أن الإنجاز الحقيقى والأصعب والأجدر بالتقدير هو تغلب الإنسان على هذه الصعوبات والعقبات... ولكن هل عندما نقوم بكتابة السيرة الذاتية cv لنا نسرد ذلك، أم نكتفى بسرد الظاهر فقط لأن هذا ما يقدره المجتمع؟!

 فى الواقع سيرة الإنسان الذاتية الحقيقية هى ما تسرد بالفعل إنجازاته الحقيقية، فحتى وإن فشل فى الوصول لوجهته الأخيرة، يكفى أنه استفاد من كل تجربة مر بها، يكفى أنه اختبر ذاته بمقياس حقيقى وثابت لا يتغير “تقييم حقيقى للجوهر”... أنت بالفعل قد وصلت لوجهتك الحقيقية “فالكنز الحقيقى فى الرحلة” التى خضتها... هناك أشياء للأسف لن يعرف المجتمع قيمتها، ولا يعلم من أحد الكثير عنها غير نفسك وما واجهته “كى تكون أنت”، فكما تضع شهاداتك العلمية والعملية فى برواز على الحائط أمام نظر المجتمع، فكن فخورا “بسيرتك الذاتية الحقيقية” وصمم لها بروازًا أنيقًا بداخلك، ضعه دائمًا  أمام “نظر عقلك و قلبك وذاتك” فهذا هو “تقدير الذات”.