الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دُروب وأودية سيناء 

دُروب وأودية سيناء 

من وادى “حميثرة” فى أقصى الجنوب إلى وادى “الوشواش” شرق مصر وما بين تلك المساحة الهائلة من أرض الوطن نتحدث بإطلالة خفيفة على بعض الرحلات الروحية التى يقوم بها الشباب من جميع الأجناس ومختلف الدول.. ومن  قلب أروع أودية سيناء “وادى الوشواش” التقيت مجموعة من الشباب بعضهم من دول أوروبا والبعض الآخر من شرق آسيا ومن مصر،  جمعهم جروب على السوشيال ميديا يتعارفون ويعرضون تجاربهم ورحلاتهم  فى الشرق والغرب.. هؤلاء الشباب أجمعوا على أن أرض سيناء تختلف كل الاختلاف عن المناطق الصحراوية والجبلية الواقعة فى دول كثيرة وتحديدًا فى الشرق.. يبعد وادى الوشواش نحو 15 كيلو مترًا من نويبع باتجاه طابا وبالقرب من منطقة رأس شيطان، ويقع  فى نطاق محمية “أبوجالوم”  صاحبة أروع الأنظمة البيئية والطبيعة الخلابة فى جنوب سيناء.. لا يعرف هذه الأماكن الساحرة الكثير من الشباب فى مصر ولكن الشباب المهتم بالتاريخ والأصالة وحتى الخلود يعرفون سيناء جيدًا من شمالها إلى جنوبها.. هذه القطعة الذهبية التى خلقها الله ووضعها داخل حدودنا وحباها بخيرات طبيعية لا مثيل لها فى أي بقعة أخرى على الكرة الأرضية. 



بدءًا من الشهر المُقبل تشهد أودية وسهول الجنوب فى سيناء رحلات الطبيعة والاستكشاف خاصة فى منطقة أبوجلوم والوشواش بعد انتهاء فترة  تساقط السيول فى الشتاء بين الجبال، ليصنع الله بحيرة وحوضًا كبيرًا للسباحة بين جدران الجبال المحيطة بالوادى من كل مكان.. هذه المياه الطبيعية الدافئة بسبب أحجار الجرانيت الأحمر بمجرد أن “تغطس” فيها لدقائق قليلة تستشعر بأن الطاقات السلبية التى يمتصها الجسد بحُكم التعرض للمعاملات اليومية والجلوس بالساعات أمام القنوات التليفزيونية وأجهزة الهاتف المحمول إلى جانب الضغوط الحياتية التى لا تنقطع على مدار الأربع وعشرين ساعة تجد كل هذه “المسوس” الجسدية تبدأ فى الانصراف من الروح والجسد وتدخل فى شعور غريب من الراحة والمتعة بالمناظر الطبيعية الخلابة للجبال الخضراء والحمراء والزرقاء داخل الوادى. 

منطقة “الوشواش” بسحرها وجمالها الذى لا يقارن بأماكن أخرى يقصدها المصريون فى أماكن طبيعية كثيرة فى مصر وخارجها.. إذا كنت من المحبين للمغامرات واكتشاف سحر الطبيعة الخلابة فى أرض الفيروز لابد من التجول فى  وادٍ أكبر يسمى “وادى المالحة” بالقرب من وادى “الوشواش” وسط الممرات الجبلية من الجرانيت الأحمر  وجبال الفيروز الخضراء  وتحت  أشجار النخيل المنتشرة  فى المنطقة، يجلس المحبون القادمون لهذه الأماكن الساحرة لتناول الطعام وشرب القهوة والشاى وبعض الأعشاب والنباتات العطرية والعشبية التى تملأ المكان فى فصل الربيع. 

العاشقون لسيناء من مصر وخارجها لديهم ارتباط نفسى وثيق بهذه الأرض الطاهرة.. البوابة الشرقية أرض الله المباركة.. مطمع الغزاة حديثًا وقديمًا وحتى قيام الساعة. 

عندما لا تأتى فرصة لزيارة سيناء كل بضعة شهور تمتد يداي إلى مؤلفات المؤرخ العظيم جمال حمدان وتحديدًا عن سيناء.. أقرأ ما بين السطور فأستشعر عظمة هذا الرجل رحمة الله عليه وكيف كان سابقًا لعصره وزمانه عندما وصف هذه البقعة من أرض مصر بقوله.. “الحل الوحيد لمواجهة الأطماع فى سيناء  هو التعمير” فى هذه الأرض  ثروات طبيعية وخيرات لا حصر لها، جعلتها على حد وصفه “تختزل جولوجيا مصر كلها تقريبًا، فعلى الرغم من أن سيناء منطقة صحراوية أو شبه صحراوية، ولكنها أغزر مطرًا ذات طبيعة ضخمة، ومناظر خلابة ومناخ متنوع.. إلى كل من يُريد أن يصبح سليم الروح والجسد، فليذهب إلى سيناء، يتجول فى دروبها ،وسهولها ،ووديانها، ويشاهد جبالها المباركة التى تجلى الله عليها بنوره وعظمته.. سلامًا على كل الأرواح والدماء الطاهرة التى حررت وطهرت وعمرت هذه الأرض من فجر التاريخ وحتى يومنا هذا.. تحيا مصر.