السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

80 مليار جنيه على الطعام

البذخ يزاحم الزهد على موائد المصريين فى رمضان

رغم أزمة الغذاء العالمية وارتفاع الأسعار، يحرص المصريون على مضاعفة كميات الطعام على الموائد فى رمضان، فأصبحت عادة لصيقة خلال الشهر الفضيل تنافس الزهد وتجافى مقصد الصوم.



ورغم أن شهر رمضان الكريم شهر بر وعبادات ورحمة ومغفرة ورضوان غير أن الكثير من الأسر يزيد إسرافها وتبذيرها فى هذا الشهر المبارك بخلاف باقى أشهر السنة. 

80 مليار جنيه حجم ما ينفقه المصريون على الطعام فى رمضان، حسبما أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية، بينما يبلغ متوسط الإنفاق الشهرى على الطعام فى الأشهر العادية 50 مليار جنيه، ما يدفع التجار إلى التلاعب بالأسعار واستغلال كثرة الطلب، لكن تحرص الدولة المصرية على توفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة لاستيعاب حجم الاستهلاك الضخم فى رمضان.

دار الإفتاء المصرية قالت إن الإسراف فى الطعام بعد الإفطار له تأثيرٌ سلبيٌّ على حكمة الصيام وغايته؛ لأن الإسراف فى جملته مذمومٌ فى شريعة الإسلام لقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.

وأضافت أن الاعتدال فى كل شيءٍ محبوبٌ ومطلوب؛ لأن الإسلام دين الوسطية فلا تقتير ولا إسراف؛ قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143].

وتابعت أن الصوم لا بد أن يكون له أثرٌ على الصائم؛ فليس من المنطقى أن يمسك الإنسان عن الطعام والشراب طوال اليوم، ثم يطلق العنان لنفسه بعد الإفطار لتنهل مما لذ وطاب وكأنه ما صام ولا استفاد من صومه شيئًا.

واستكملت: «أن هذا السلوك له مردودٌ سيئٌ على الصحة؛ فهو يرهق المعدة ويثقلها ويفجؤها بما لا طاقة لها به بعد فترةٍ من الهدوء والراحة والاعتدال، وهذا ما يتنافى مع حكمة الصوم من التخفف والتقليل من الطعام والشراب قدر الطاقة».

من جانبه أكد الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، أن ترشيد الإنفاق فريضة خاصة أن البعض لا يكاد يجد قوت يومه، بينما يفيض طاعم الولائم ويسكن حاويات القمامة، فهذا حرام شرعًا، وسُيسأل المسرفون عن إسرافهم أمام الله يوم القيامة.

وطالب «الأطرش» فى تصريحاته لـ«روزاليوسف» بضرورة تخلى المسلم عن السلوكيات الخاطئة التى تُتبع فى رمضان تحت بند العادات والتقاليد والمظاهر الاجتماعية، متابعًا: «أعلم أن هناك أسرا تكاد تدبر احتياجاتها من الطاعم، لكن على الصعيد لا ننكر وجود ظاهر البذخ فى طبقات أخرى، وهذا أمر لا يرضى الله، لأن الله لا يحب المسرفين.

وأردف رئيس لجنة الفتوى الأسبق قائلا: «الشرع حرم إهدار الأموال ببذخ فى العزومات والولائم، ورمضان فرصة عظيمة لتوفير النفقات، وادخار الأموال، والتعود على تقليل الاستهلاك من الطعام والشراب، وليس العكس».

كما انتقد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة والفقه بجامعة الأزهر ظاهرة «موائد المترفين» فى رمضان، قائلًا: «ذات مرة تمت دعوتى إلى الإفطار فوجدت أرزا بجميع أنواع المكسرات الفاخرة، ولم أضع الملعقة على فمي، فجاءنى حديث النفس، كيف آكل مثل هذا الطعام ويوجد أناس لا يعرفون طعم اللحم، فتركت الطعام وانصرفت».

وأضاف أستاذ الشريعة: «هناك حالة من الشره لدى بعض الطبقات الاجتماعية، رغم أنهم أثرياء إلا أنهم يأكلون بكميات كبيرة، وكأنهم محرومون ونزع الله من بطونهم البركة».

وتابع «كريمة» فى تصريحاته لـ«روزاليوسف»: «عندنا بذخ فى رمضان وكأن الناس لم تأكل قط قبل ذلك، حالة من الهجوم على اللحوم والدجاج والخضروات مع انطلاق أول يوم فى رمضان»، مستذكرًا حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لابد فاعلًا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه»، رواه الإمام أحمد والترمذى.