الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
انتصارات المسلمين فى رمضان

انتصارات المسلمين فى رمضان

من نفحات هذا الشهر العظيم شهر رمضان المبارك تلك الانتصارات التى غيرت وجه التاريخ فى السنوات الأولى لعصر النبوة المحمدية وفى نفس هذا اليوم السابع عشر من رمضان فى العام الثانى للهجرة النبوية الشريفة وقعت غزوة بدر الكبرى إحدى الغزوات التى شارك فيها النبى  صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، هذه  المعركة  انتصر فيها الحق على الباطل، وانتصر فيها المسلمون نَصَّرًا مؤزرًا وكانت بمثابة فتح على الإسلام وأهله.



غزوة بدر الكبرى التى سطّر فيها المسلمون أروع انتصاراتهم وتحول فيها الإسلام من الهوان إلى القوة لها مكانة عظيمة فى التاريخ الإسلامى على مر العصور ورغم مرور أكثر من ١٤٠٠ عام من الهجرة النبوية المباركة ذكرها الله فى كتابه الكريم  ونزلت الملائكة على الصحابة الكرام فى هذه المعركة.

غزوة بدر الكبرى سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر وهى بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكَّة  والمدينة المنورة وهى أولَ معركة للمسلمين ضد المشركين وترجع أسبابها إلى أن قريش كانت تعامل المسلمين بكل أصناف القسوة والشدة فأذن الله للمسلمين بالهجرة من مكة  إلى المدينة المنورة لكن قريشًا استمرت فى مصادرة أموال المسلمين ونهب ممتلكاتهم، وعلم النبى - صلَّى الله عليه وسلم - أن قافلة تجارية لقريش محملة بمختلف البضائع والأموال سوف تمرّ بالقرب من المدينة فى طريق عودتها إلى مكة  قادمة من الشام وقرر أن يقابل المشركين بالمثل ودارت بداية تفاصيل بدر الكبرى عند محاولة المسلمين اعتراض تلك القافلة التى يقودها أبوسفيان بن حرب. 

ويوم بدر له عدة مسميات تاريخية وقد سماها الله تعالى يوم الفرقان كما قال سبحانه: “وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ”، لأن الله تعالى فرَّق فيه بين الحق والباطل، بنصر رسوله والمؤمنين.

وقد ذكر العلماء فى المصادر التاريخية العتيقة عددًا من المبادئ الأساسية التى أوضحت مزايا التشريع الإسلامى فى بداية الدعوة الإسلامية  وتناولت هذه مسألة الجهاد وقد  مر بعدة مراحل منها الكف والصفح والعفو: وهى مرحلة الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى وإنذار الناس، فبدأ رسول الله  بأهله، ثم بقومه “قريش”، ثم العرب والعالمين، وكان التوجيه الإلهى فى هذه المرحلة فى مواجهة الأعداء: الكفّ “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ”، والصفح “فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ”، والعفو “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ”.

المرحلة الثانية : الإذن بالقتال من غير إلزام قال تعالى: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير”.

المرحلة الثالثة: فُرِض عليهم قتالُ مَن قاتلهم، أو اعتدى عليهم، أو وقف فى طريق دعوتهم، أو ظَهَر منه قصْدُ العدوان ببيِّنة ثابتة؛ “وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”.

المرحلة الأخيرة: وهى  فرض القتال، أَمَر اللهُ عزَّ وجلَّ المسلمين بقتال المشركين لِصَدِّ عُدوانهم، وإزالة الفِتنة عن الناس، حتى يستمعوا النِّداءَ الحقَّ مِن غير عائق، وحتى يَرَوا نظام الإسلام مطبَّقًا؛ لِيَعرفوا ما فيه مِن عدل وإصلاح لحياة البَشَر، قال تعالى  “قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ”.

وعلى هذا النهج جاءت كل المعارك الفاصلة فى تاريخ الجيش المصرى الذى صد كل عدوان عن أرض الوطن قديمًا وحديثًا.. عقيدتهم النصر أو الشهادة “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم” وما زالت تلك العقيدة هى الدفاع عن الوطن بكل قوة دون تعد على أحد يقتدون فى ذلك بجيش النبى وصحابته الكرام فى كل معاركه من أجل الدفاع عن الإسلام والمسلمين.

كان المسلمون قد خرجوا من أجل الإغارة على القافلة، ولكن الأمر قد تطوّر إلى مواجهة وحرب مع قريش، فعقد الرسول مجلسًا استشاريًّا مع أصحابه، فقام أبو بكر وعمر والمقداد فتكلموا وأحسنوا، فأعاد الرسول  الأمر، وقال: “أشيروا عليّ أيها الناس”، يريد بذلك الأنصار الذين بايعوه فى العقبة على نصرته فى ديارهم.

فقال سعد بن معاذ: “قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحقّ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة؛ فامض يا رسول الله لما أردت؛ فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا، وإنا لصبر فى الحرب صدق فى اللقاء، ولعلّ الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله”.

سُرّ رسول الله بما قاله المهاجرون والأنصار، وقال: “سيروا وأبشروا؛ فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين، والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم”.

نصر الله المسلمين فى بدر لأنهم كانوا على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفذوا أوامره بكل دقة واستعدوا روحيًا وجسديًا للمعركة لا تفرقهم مطامع دنيوية وإنما جمعهم حب الله ورسوله ولذلك جاء النصر.. تحيا مصر.