المكان أصله إيه
طلعت حرب حكاية ميدان لمحو رموز الملكية فى مصر

من منا لم يمر بميدان طلعت حرب بمنطقة وسط البلد، ولم يتوقف امام تمثال مهيب لرجل يبدو عليه أنه من القرون البائدة يرتدى بذلة وطربوشا ويمسك فى يده ورقة، وهو طلعت حرب باشا مؤسس بنك مصر، الذى لقب بأبو الاقتصاد المصرى، وفى النهاية لم يسأل نفسه عن تاريخ هذا التمثال العظيم وسبب تواجدة فى هذا المكان تحديدا ، ولهذا السبب يستعرض «صدى البلد» فى هذا التقرير تاريخ تمثال طلعت حرب وسر تواجده فى هذا المكان بمنطقة وسط البلد.
يقع ميدان طلعت حرب فى قلبِ القاهرة، فهو يتوسط شوارع 26 يوليو، وطلعت حرب، وعلى مقربة من ميدان التحرير الذى يعتبر شارع طلعت حرب هو همزة الوصل بينه وبين ميدان التحرير.
لم يكن تمثال طلعت حرب متواجدا فى مكانه الحالى قبل ثورة يوليو ولكن كان يقبع مكانه تمثال سيلمان باشا الفرنساوى وكان الميدان والشارع أيضا يسميان بإسم سليمان باشا، وقد كان هذا تكريما من الخديو إسماعيل لـ سليمان باشا، واسمه الحقيقى أوكتاف جوزيف انتلم سيف فرنسى الجنسية، الذى جاء مصرمع الحملة الفرنسية واستقر بها، وأصبح مقربًا لمحمد على باشا، الذى اختار له اسم سليمان بعد اعتناقه للإسلام، وفى عام ١٨١٩ تولى سليمان باشا مهمة تكوين جيش مصرى حديث مثل الجيوش الأوروبية.
وحينما أراد الخديو إسماعيل تحويل القاهرة إلى الطراز الأوروبى لتكون تماما كالعاصمة الأوروبية باريس، وبعد أن شُيدت العمارات على الطراز الأوربى تم تسمية الشارع والميدان باسم ميدان سليمان باشا تكريمًا له، وظل الميدان والشارع بهذا الاسم حتى قيام ثورة يوليو عام 1952م والتى قررت التخلص من جميع الرموز الملكية والعهد البائد. وقامت بنقل تمثال سليمان باشا الى المتحف الحربى بالقاهرة ووضعت بدلا منه ثمثال للاقتصادى المصرى طلعت حرب وتم تسمية الشارع والميدان باسمه وهو المسمى الباقى حتى الآن.
نحت تمثال طلعت حرب باشا بمعرفة النحات والفنان المصرى فتحى محمود، وهو نحات وخزاف مصرى راحل ، ويعد أحد تلاميذ النحات الكبير محمود مختار، ويعد تمثال ميدان طلعت حرب فى القاهرة أحد اشهر اعمال فتحى محمود بالإضافة إلى تمثالي: الأشرعة البيضاء وتمثال أوروبا الموجود بمكتبة الإسكندرية، والنصب التذكارى لشهداء طلاب جامعة القاهرة عام 1955.