الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تحذير للأحزاب السياسية

تحذير للأحزاب السياسية

قلت من قبل، أن الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ،هو فرصة ذهبية للأحزاب ؛لتقوم بدورها كما ينبغى طبقًا للدستور ،ومن أجل تفعيل المادة الخامسة من الدستور ،التى تؤكد على التعددية السياسية ،والحزبية ،والتداول السلمى للسلطة ،والفصل بين السلطات ،والتوازن بينها ... إلخ، والحقيقة أن هذا الحوار جاء نجدةً لكل الأحزاب السياسية بلا استثناء، وكلنا يعلم مدى الضعف الشديد ،الذى طال هذه الأحزاب ،وعلى مدار حقبة زمنية طويلة، ولا أحد أيضًا ينكر أن معظم الأحزاب الكبيرة تعانى معاناةً شديدةً جدًا من الانقسامات والخلافات بشكل يدعو إلى الحسرة وهذه الأحزاب المنقسمة على نفسها ،تحتاج إلى قوة قاهرة حتى تدب فيها الحياة ،ولا يوجد حزب بدون هذه الخلافات الشديدة ،والأسباب فى هذا الشأن كثيرة جدا ،وليس هذا مجال ذكرها الآن.



وكنت أتمنى على الأحزاب الأخرى الصغيرة، أن تلملم ذاتها وتنضم إلى الأحزاب الكبرى كما شرحت من قبل فكرة أهمية وجود ثلاثة أو أربعة أحزاب فقط ،يكون واحد منها ممثلًا لليمين وآخر لليسار وثالث وسطًا ،بدلًا من هذه الأحزاب الورقية الكثيرة ،التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، وقد تلقيت مؤخرًا العديد من الرسائل ،تعاتبنى على هجومى على هذه الأحزاب الصغيرة ،ومن هذه الرسائل من يقول، إن فى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أحزابًا كثيرة، وكلام المعاتبين فى هذا الشأن صحيح مائة فى المائة ؛لكن الأحزاب التى يتم تداول السلطة فيها بهذه الدول ،لا يتعدى ثلاثة أحزاب على أكثر تقدير ،أما الأحزاب الأخرى الصغيرة ؛فلها أنشطة اجتماعية تخدم بلادها وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك أحزاب تهتم بالطبيعة والجمال ،وأخرى تهتم بالحيوانات ،وخلافها من القضايا الاجتماعية.

الحوار الوطنى جاء فى توقيت مهم ؛لنجدة الأحزاب السياسية التى تم دعوتها للحوار، وقامت أحزاب باستغلال هذا الأمر المهم ،ورتبت بينها وأعدت ورقة عمل مهمة للحوار وأخرى أحزاب ظهرت من تصرفاتها أنها فى وادٍ آخر ،ولا تدرك أهمية هذا الحوار بدليل أنها فى حالة انقسام شديدة حتى كتابة هذه السطور، ورؤساء هذه الأحزاب فى حالة حيص بيص منذ دعوة الرئيس للحوار الوطنى ،وهذا ما سيكشف عنه الحوار أثناء انعقاده ،ويكشف خيبة الأمل لدى أحزاب ،ولكم أن تتخيلوا أننى أعرف أحزابًا حتى الآن لم تعدّ ورقةً للحوار، وهذا يعنى أن الملفات السياسية غائبة، ما يعنى أن الأمر كارثى بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ ،عندما أقول إن هذه فرصة ذهبية للأحزاب ،إنما أقصد ضرورة أن تجتمع هذه الأحزاب على كلمة سواء ،وتنفض الخلافات وتقضى على الانقسامات، والشللية، وخلافها، من توافه الأمور ،ووقف الجهاد على الفيسبوك، وخلافه من أمور فارغة.

أنا لا أهاجم الأحزاب ،ولا أرضى لها بالضعف والهوان ،وإنما أريدها قوية تكون عند حسن ظن المادة الخامسة من الدستور ،التى نطالب جميعًا بتفعيلها ،ولن يحدث ذلك لفاقد العطاء السياسى، أو للأحزاب المنقسمة على نفسها ،أو الأحزاب المتشيعة للمصالح الخاصة لأفرادها، إنما نحن بحاجة شديدة إلى الأحزاب القوية التى تتحمل المسئولية وتشارك الدولة المصرية فى كل ما تقوم به من إنجازات ،وإعجازات بدلا من الوقوف فى صفوف المتفرجين ،الذين لا ناقة لهم ولا جمل ،ومن أجل هذا ،جاء الحوار الوطنى على طبق من ذهب للأحزاب المصرية ،لعل الله ينفخ فى صورتها ويكون لها دور مهم خلال المرحلة القادمة من عمر الوطن الغالى الحبيب.

يؤسفنى جدًا أنه حتى الآن هناك أحزاب سياسية ،تغيب عن الواقع تمامًا ،وكل مقراتها تحولت إلى نادٍ لتناول الشاى والقهوة والحديث فى توافه الأمور، رغم الظرف المهم الذى تحياه البلاد حاليًا، وأعرف أحزابًا أخرى تعانى الضعف وعدم قدرتها على تقديم رؤية للحوار الوطنى، وتلك كارثة خطيرة ،والسبب عدم وجود كوادر لدى هذه الأحزاب ،وعلى كل حال أحذر كل الأحزاب والقوة السياسية من تفويت فرصة الحوار الوطنى وتجميع قواها المهلهل، وترتيب بيتها فى أسرع وقت وانتهاء هذه الفرصة فى تاريخ مصر السياسى ،ولا ينسى رؤساء الأحزاب أن الجمهورية الجديدة التى تعد البوابة الحقيقية للعالمية، لا مكان فيها لأحزاب تبحث عن مصالح شخصية ،أو نفعية ،والتى لا تعرف مثلها كما أن الجمهورية الجديدة لا تعرف مثل هذه الأحزاب الضعيفة ،التى تحولت إلى أندية لأصحابها ،وتوابعهم الذين يبحثون عن منفعة فقط ،قد أكون قاسيًا فى جلد الأحزاب السياسية ،لكن خوفى عليها الشديد هو الذى دفعنى لذلك ،حتى يكون لها الدور الفاعل فى الحياة السياسية بالجمهورية الجديدة التى لا مكان فيها لأصحاب المصالح الخاصة.