الإثنين 26 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 شعراء السيرة الهلالية

شعراء السيرة الهلالية

بعيدًا عن السياسة وتداعياتها فى الشرق والغرب فقد قررت أن أتوقف لعدة ساعات عن مشاهدة ومطالعة القنوات الإخبارية والبرامج السياسية والتوك شو، وصل بى الحد أن أتجنب الاطلاع على مواقع السوشيال ميديا.. تشعر بالراحة والسكينة وتبدأ فى استرجاع الذكريات القديمة فى الزمن الجميل.. أنا من عشاق قراءة التاريخ والاستماع إلى فن غناء السير الشعبية خاصة سيرة بنى هلال، هذا اللون الأصيل من ألوان الموروثات الشعبية التى حظيت بتقدير من كل المثقفين على مدار عشرات السنين فى مصر والوطن العربى.



دخلت على محرك البحث لكى أطلع على أهم وأشهر الكتب التى رصدت أحد أروع ما كتب عن فن السير وتحديدًا سيرة بنى هلال وجدت كتابًا ضخمًا يمتد إلى اثنى عشر جزءًا بعنوان “تغريبة بنى هلال” هى الأكبر والأضخم وتصل إلى حد الموسوعة الفنية والثقافية وأفضل ما كتب عن السيرة الهلالية التى تعتبر ملحمة طويلة تصف هجرة بنى هلال، وتمتد لتشمل تغريبة بنى هلال وخروجهم من ديارهم  فى نجد إلى تونس وتبلغ نحو مليون بيت من الشعر.. الاثنى عشر مجلدًا يرصد قصصًا كثيرة عن الأمير أبوزيد الهلالى سلامة وأخته شيحة المشهورة بالدهاء والاحتيال، وسيرة الأمير دياب بن غانم الهلالى، وبنات الأشراف وحكايات يحيى ومرعى ويونس والعبد أبوالقمصان خادم أبوزيد. وغيرها من السير المتراصة التى تشكل فى مجموعها ما يعرف بسيرة بنى هلال. 

أشهر من أنشد السيرة الهلالية فى الوجه البحرى وقد استمعت له فى الصغر كان المرحوم الشاعر فتحى إسماعيل رحمة الله عليه.. كان يحيى الأفراح والمناسبات فى معظم محافظات الوجه البحرى خاصة فى المنوفية كل العائلات العريقة فى السبعينيات كانت تتعاقد مع الشاعر فتحى لإحياء العُرس وتنتظر إلى ما يقرب من شهور حتى يأتى عليها الدور لكى يحضر شاعر سيرة بنى هلال لينشد قصص بطولات أبوزيد الهلالى وبنات الأشراف. 

قبل رحيل الشاعر عبدالرحمن الأبنودى هذا الرجل الذى عكف لعدة سنوات لكى يجمع هذا الفن من كل الدول العربية، بل أخذ على عاتقه أن يلتقى أصحاب هذا اللون من الفنون الشعبية وعلى رأسهم شاعر السيرة الهلالية سيد الضوى وجابر أبوحسين، وقد حضرت  بعض الحفلات الفنية للضوى فى الصعيد ومنطقة القاهرة الفاطمية بحضور الأبنودى رحمة الله عليه. 

هذا اللون من الفنون الشعبية العريقة التى لاتموت بمرور السنين والأيام والدليل أننى دخلت على اليوتيوب فوجدت أعمالًا فنية لكل شعراء السيرة الهلالية فى الوجهين القبلى والبحرى تتخطى مئات الآلاف من المشاهدات لكل هؤلاء الفنانين وأشهرهم على جرمون من قنا وجابر أبوحسين من محافظة سوهاج وسيد الضوى من قنا وعز الدين نصر الدين من سوهاج ومعه عبدالباسط أبونوح وشوقى القناوى والنادى عثمان ومحمد اليمنى من قنا، ومن الوجه البحرى سعد الشاعر من المنصورة وفتحى سليمان من المنوفية ومبروك الجوهرى وفوزى جاد من  كفر الشيخ. 

كل هؤلاء العظام من الشعراء كانت لديهم الموهبة الفنية التى خلدت أسماءهم إلى يومنا هذا.. الفن الأصيل لا ينتهى ولا يموت ويقدر هذا اللون كل أصحاب العراقة والأصالة ومن يحافظون على لغة الضاد التى بدأت  بفعل العولمة والحداثة أن تتلاشى شيئًا فشيئًا. 

ابحثوا فى القرى وفى المدن عن الأجيال الجديدة التى لا تجيد القراءة والكتابة بفعل الحداثة والإنترنت وحمل التليفونات الأندرويد والاستماع إلى الأغانى الهابطة المنتشرة فى الأفراح وفى المقاهى وفى الميكروباصات وفى التكاتك.. أتحدى أن يعرف جيل الثمانينيات أسماء شعراء السيرة الهلالية أو حتى بعض فنانى من الزمن الجميل..  تحيا مصر.