الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

أخطاء يمكن تداركها

تحية من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل رجل أتمَمْتُ العقد السادس من العمر، كنت أعمل مهندسًا بإحدى الهيئات الكبرى قبل بلوغى سن التقاعد، أدير حاليًا عملا خاصا بى هو عبارة عن شركة صغيرة، تخرجت فى كلية الهندسة وكنت شابًا ملتزما دينًا وخلقًا، لم أتغير بشهادة الجميع، ودائمًا فى يقينى أن معظم شباب جيلى يتصرفون مثلى تمامًا، لا يعرفون إلا الشهامة والنخوة واحترام التقاليد، أتذكر أن الحب بين الرجل والمرأة كان له طقوسه المهذبة والمحافظة فى الزمن الجميل، هذا ما دفعنى لاتباع الأصول نفسها عندما أعجبت بزوجتى الطبيبة قبل ارتباطنا، هى ابنة أعز صديق لوالدى رحمه الله، كانت حينها لاتزال طالبة بكلية الطب، بينما تخرجت أنا والتحقت سريعًا بوظيفتي. لفت نظرى جمالها وأخلاقها وكذلك تفوقها الدراسي، تزوجنا وعشنا أجمل أيام عمرنا على الحلوة والمرة، لم تشعر هى بالوحدة معى يومًا، حتى بعد أن ضاع أمل إنجابنا وتيقنا من استحالته، حاولنا على مدار عقدين من الزمن عند أشهر الأطباء كى يرزقنا الله بالذرية، لكننا لم نوفق. حيث حالت بعض الموانع الطبية التى لازمتنا للأبد، دون تحقيق هذا الحلم، طرحت على شريكة حياتى فكرة التبنى - لكنها رفضت بشدة، ومع إلحاحى مستغلًا قوة العلاقة بيننا وقدراتى الإقناعية، وافقت فى النهاية،، ذهبنا لأحد دور رعاية الأيتام وتبنينا طفلًا وطفلة بشكل رسمي، اصطحبناهما للعيش معنا بأحد الأحياء الراقية، الولد يكبر البنت بعامين، لم تكن سعادتنا وفرحتنا بهما توصف.. منحانا قيمة مضافة لحياة وأحاسيس كنا نفتقدها، ونحن لم نبخل عليهما بهذا الحنان، الذى نحرص على بثه أبويًّا فى قلوب أطفال تلك المؤسسات الإنسانية، ولازلنا نداوم على زياراتها بصحبتهما حتى وقت قريب... طفلينا بالتبنى كانا يرتبطان منذ اللحظة الأولى ببعضهما البعض، ويعرفان بأننا أبويهما بالتبني، نرى يومًا بعد يوم مدى رضائهما بما نقدمه لهما من تكافل، حتى أصبح الولد محاسبًا بأحد البنوك منذ عام، بينما الفتاة لازالت فى السنة النهائية بإحدى الكليات العملية بالتعليم الخاص... الصدمة المدوية أستاذ أحمد كانت منذ أيام، عندما عدت بشكل مفاجئ من شركتى التى أديرها، لإحضار بعض الأوراق، ففوجئت بالشاب والفتاة فى وضع حميمى كامل بغرفة نوم أحدهما، لم أتمالك غضبى وأنا منهار، وبدأت فى ضربهما بكل طاقتي، بكت الفتاة بشدة وقبلت قدماى، وأقرت بخطأها فى حق نفسها مع الشاب الذى هو فى حكم شقيقها، ثم طلبت منى العفو والمغفرة، لم أجد كلمات مناسبة أو رد فعل احتوائى لهذه المجرمة، انصرف الولد فى خجل شديد، وانا طلبت منها ألا تغادر المنزل منذ هذا اليوم، عندما عادت زوجتى من عملها بعيادتها، كنت خجلًا وأنا أحكى لها بعيدًا عن الفتاة ما حدث، فأنا صاحب تلك الفكرة من البداية، احتدم النقاش بيننا وطالبتنى بطردها وحدها وترك هذا الشاب، لأن البنت هى من سمحت له باستباحتها، كان يجب عليها التمسك بالأخلاق التى تعلمتها منَّا، وأنا الآن لا أرى أى منطق يبرر رؤية زوجتى الغريبة، فى بقاء الولد وطرد الفتاة، ربما يكون العكس هو الصحيح، لذا لا أخفى عليكم، بأننى بدأت أتشكك فى وجود علاقة مريبة بين زوجتى وهذا الشيطان، الذى أقحمته فى حياتى الهادئة ليشعرنى بالأبوة، فجلب لى العار والشك - لا أعرف ماذا أفعل وسط هذا الضجيج من الأفكار المشوشة والمشاعر السلبية التى كنت فى غنى عنها،، فماذا أفعل!؟ 

إمضاء و. ث

 

عزيزى و. ث تحية طيبة وبعد…

أحييك كثيرًا على تلك الرسالة الراقية الغنية بفيض العطاء، وقوة الإرادة، تذكرنى بمقولة للملاكم الأسطورى الراحل “محمد على كلاى” يقول فيها: “لا تجعل تحديات الحياة تسرق منك أحلامك، بل تعلم منها وستجدها أفضل أصدقائك”. هذا بالضبط ما يجب علينا فعله، عندما يباغتنا القدر بأحداث لم نكن نتوقعها، نحتاج الصبر إيمانًا واحتسابًا لوجه الله الكريم، وحتمًا سيلهمنا سبحانه تدبر الحكمة من ورائها، والرضا بها.. لذا أدعوك عزيزى الفاضل ألا تندم على عمل الخير، الذى سعيت له أنت وزوجتك أثابكما الله- حتى وإن كان مردوده صادمًا بعض الشيء، استمرا فى آدائه واستمتعا بإسعاد نفسكما والآخرين، وتذكَّرا أن كل البشر معرضون للوقوع فى براثن الشيطان وإغوائه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث رواه الترمزى: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم،، ربما فقط كنت أتمنى أن تستبدلا فكرة تبنى طفل وطفلة معًا فى سن يدركان فيه أنهما ليسا شقيقين، بطفل واحد أو حتى أن يأنس طفلان أو طفلتين من نفس الجنس بوجودهما بين أحضانكما، مما يضعف من فرص الوقوع فى هذا الخطأ الكبير، وعدم استغلال الشيطان لفترة الذروة التى تضرب الكثيرين من الشباب بمرحلة المراهقة، فتغلب إرادة أجسادهم الثائرة وغريزتهم الفطرية على ثوابتهم الدينية،، وإحقاقًا للحق فإن زوجتك كانت تدرك جيدًا بأن فكرة التبنى بالمنزل لها أبعاد غير مضمونة، ففضلت تجنبها من البداية، ورعاية تلك الأرواح البريئة عن بعد، وإبقاء حافز احتوائكما لهما ولغيرهم بدار الرعاية التى يقيمون بها فقط، حتى يستقرا ويعيشا حياة سعيدة، بتسلسل طبيعى من تربية وتعليم وصولًا إلى الحصول على فرص عمل وزواج باستقلالية آمنة، ومما لا شك فيه أنكما اجتهدتا كثيرًا فى تربيتهما، وإعدادهما تربويًا واجتماعيًا لمجتمع يعج بالإغراءات والتناقضات - لكن دعنا نتفق فى الوقت نفسه، بأن طبيعة عملك كمهندس تقضى وقتًا طويلًا خارج البيت، وكذلك زوجتك فى عيادتها كطبيبة، لا يسمح بفرض السيطرة اللازمة وتدارك مسئوليات كل مرحلة عن قرب، وبصفة خاصة مع هذا الدمج المحفوف بالمخاطر.. ومع كل ما سبق لايزال هناك جزء ملأ من كوب العطاء الذى بين ايديكما، وقدمتماه بحب وتجرد لأرواح تعانى من جلد الذات على وحدتها القدرية، ونجحتما معًا فى تقديمهما لهذا المجتمع بشكل يدعو للفخر والاعتزاز، بعد أن أصبح لديكما محاسبًا بنكيًا ومشروع طبيبة أو مهندسة، أنصحكما الآن بجمعهما فى عش الزوجية، تكليلًا وليس تنكيسًا لسعيكما الدءوب ورسالتكما العظيمة، وأن تجتمع أنت بهذا الابن، وتطلب من زوجتك الطبيبة القيام بالمثل مع ابنتها، ثم أكدا لهما بأننا جميعًا نخطأ، والأهم من ذلك هو تدارك أخطائنا والنهوض سريعًا أقوى مما كنا، وعلى الابن أن يتحمل مسئوليته تجاه محبوبته الشقيقة، بعد أن عاش يحميها ويحتمى بها كأخ وحبيب، ثم أصبح رجلًا مسئولًا عنها الآن، أما علاقتك أنت بزوجتك فلا أنصحك بترك مسافة للشيطان تسمح له بوضع قدم للتفرقة بينكما، وخسارة عشرة عمر ورحلة طويلة من الإخلاص والحب والكفاح، أشرت أنت إليها ضمن رسالتك، مؤكدًا بأنها وافقت على فكرة كانت ترفضها قطعًا وهى التبني، إرضاءً لك - فلا ترضخ لوساوس شيطانك بعد هذا العمر وتتوهم بأن الزوجة المخلصة لعقود من الممكن أن تتحول لعاشقة خائنة بهذه الكيفية البغيضة،، بل اعلم أن: “للقلب بصيرة إذا أعتمت عدستها، لن ترى عين صاحبها إلا سراب الطريق”. 

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا عزيزى و.  ث