الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحوسبة السحابية واستثمار الثروة البشرية

يحلم الرئيس السيسى أن يصل تصدير شباب مصر للمنتجات الرقمية إلى 100 مليار دولار

الحوسبة السحابية واستثمار الثروة البشرية

هل كان أمامى خيار آخر؟ يسأل الرئيس السيسى مستنكرًا، واضعًا مزيدًا من اللبنات فى حصون الوعى المجتمعى، بحقيقة الإنجازات، ودورها فى تعزيز القدرة الشاملة للدولة المصرية، وانعكاسات ذلك على الارتقاء بالوطن وجودة الحياة للمواطنين.



مع كل مشروع قومى، تخرج التساؤلات التى منها البرىء حول جدوى وأولويات هذا الإنفاق الاستثمارى، فى ظل تحديات مجتمعية اقتصادية، تشعر بأثرها قطاعات من أبناء الشعب الأقل دخلًا، ومنها ما يقف خلفه ثعابين تنفث سمومها عن قصد، لتزييف الوعى بحقيقة ما تشهده البلاد من وضع قواعد راسخة لدولة عصرية قادرة على ملاحقة مستجدات العلم والعالم فى كل القطاعات.

لم يكن أمامى إلا العمل على إنشاء مراكز رئيسية للبيانات والحوسبة السحابية، لملاحقة التطور الذى يجعل حكومتنا متقدمة وفق المعايير العالمية، وتملك ما يحقق التقدم المطلوب وتلبية احتياجات الدولة المصرية، وإلا فالخيار الثانى التخلف عن الآخرين.

هل الاستفادة ضخمة من هذا المشروع؟ يقول الرئيس: طبعًا وضخمة جدًا كمان، تصوروا أن الحكومة تستطيع أن تعمل داخل الوزارة من خلال شاشات الحواسب الموجودة، وبينها وبين الوزارات الأخرى، وما يترتب على دقة العمل وسرعته ومستويات الإنجاز، وكل هذا له تكلفة ليس تكلفة إنجازه بل تكلفة التأخر فى إنجازه.

بانتباه شديد، أصغيت لكلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال افتتاح مركز البيانات الرئيسى والحوسبة السحابية، الذى شرفت بحضوره، ولا أبالغ إذا قلت إن هذا اليوم وما سبقه من عمل شاق لتحقيق ذلك الإنجاز نقلة حضارية، لها ثمارها على كل المستويات، وحماية للوطن والمواطن.

غرست مصر شجرة معرفية رقمية، لها ثمارها الثمينة التى سيجنيها المواطن، بما تتيحه من تطبيقات تيسر حصوله على الخدمات بحوكمة خالية من كل سلبيات الماضى فى التعامل المُباشر مع الشباك، وثمار البنية التحتية، من حفظ وسهولة حركة البيانات وتأمينها، والدخول إلى ساحة الاقتصاد الرقمى وما تتيحه من فرص عمل ودخول تصل إلى 300 ألف دولار للفرد سنويًا.

ماذا تعنى الحوسبة السحابية؟ تعنى توفير موارد تقنية المعلومات حسب الطلب عبر الإنترنت مع تسعير التكلفة حسب الاستخدام، بديلاً عن شراء مراكز البيانات والخوادم المادية وامتلاكها والاحتفاظ بها، وهى باهظة التكلفة، فتلجأ إلى استئجار مساحات تقدم لك خدمة التخزين وفق احتياجاتك، من خلال جهة توفر الخدمات السحابية.

ولسنوات طويلة منذ ظهور شبكة الإنترنت، كانت الحكومة والشركات الخاصة فى مصر، وحتى المواطن الذى يريد أن ينشئ موقعًا إلكترونيًا أو صحيفة على الشبكة العنكبوتية، يلجأ إلى شركات توفر له الخدمة لاستضافة موقعه وحفظ بياناته لدى دول أجنبية، تحقق مليارات الدولارات من الأرباح.

واليوم بهذا الإنجاز، تحفظ مصر سرية بياناتها، وتمتلك بنية تحتية لتخزين البيانات، والربط الرقمى بين كل المؤسسات، والارتقاء بخدمات الإنترنت وغرف إدارة الأزمات وتعزيز القدرات الأمنية بشوارع ومدن مصر، والقدرة على توفير خدمات الاستضافة للآخرين كشق استثمارى رقمى.

لذا، مكاسبها ضخمة جدًا على كل المستويات، وتكلفتها لا ينبغى أن تحسب كما أشار الرئيس إلى كلفة التأسيس، بل إلى التكلفة التى تنفق حال استمرار العمل بالطرق التقليدية، من إهدار للوقت وضعف جودة المنتج، وبطء اتخاذ القرارات وغيرها.

امتلاك مصر لمراكز بيانات وحوسبة سحابية، نقلة حضارية وتأسيس لبنية تحتية لازمة لبناء جمهورية جديدة قوية تسير على خط متوازٍ مع أكثر دول العالم تقدمًا، وضرورة حتمية للبناء عليها للتقدم فى كل القطاعات الأخرى.

المركز الرئيسى مؤمّن بكل دقة، لحمايته، فوق وتحت الأرض، فلا يمكن المساس به من أى جهة معادية، والمركز الرئيسى يضاف إليه مركز تبادلى لاستمرار الخدمات حال حدوث أى مشكلات تقنية طارئة لاستدامة الخدمة.

المركز تعظيم لاستثمار القدرة الجيوسياسية للدولة المصرية، فموقع مصر الذى حباها به الله أحد مقومات القدرة الشاملة، تربط بين قارات العالم، آسيا وإفريقيا وأوروبا، لذا يمر من خلال مياهها الإقليمية 90 % من كابلات الربط الرقمى بين دول العالم، وامتلاك مصر لهذه البنية التحتية يجعل مصر مركزًا عالميًا لتقديم خدمات الحوسبة السحابية.

فالمواطن أو الشركة الخاصة فى مصر وغيرها من الدول لا يستطيعان امتلاك تلك البنية والاحتفاظ بها، لخدمة أهدافها، لذا يلجآن إلى استئجار مساحات فى شركات أجنبية، بينما دولة بحجم مصر، لم يكن من اللائق بأى معيار وفى القلب منه الاقتصادى وضع بياناتها خارج حدودها، وترك فرصة بناء قدرة رقمية حكومية لمواطنيها والمستثمرين على أراضيها، فضلًا عن اقتحام سوق الاقتصاد والاستثمار الرقمى بقدرة وقوة.

لقد أنجزنا البنيان ويبقى الاستثمار فى الإنسان، الثروة الأكثر أهمية فى مكونات القدرة الشاملة لمصر، فسوق العمل الرقمية، وفرصها الكبيرة، تصديرًا، تتطلب إعادة صياغة المفاهيم لدى الجماهير، لبناء وعى بفرص سوق عمل المستقبل.

ومن ثم، العمل على وضع برامج تعليمية، تقدم مخرجات تعليمية تواكب تطورات سوق العمل، وهو ما أشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى داعيًا الأسر المصرية لإدراك متغيرات سوق العمل ومساندة جهود الدولة التى توفر فرص تدريب وتأهيل عبر مبادرات تمكن شباب مصر من امتلاك قدرات العمل فى سوق الإنتاج الرقمى.

يحلم الرئيس السيسى أن يصل تصدير شباب مصر للمنتجات الرقمية إلى 100 مليار دولار، مشيرًا إلى أن دولًا تعدادها بضعة ملايين بها ما لا يقل عن 700 ألف مواطن ينتجون محتوى رقميا ويجنون مليارات الدولارات.

إن فرص العمل متاحة، وقد أطلقت وزارة الاتصالات بتوجيهات رئاسية مبادرات لإعداد الكوادر والبراعم الرقمية، وبدأت عجلة الإنتاج الرقمى، وهى ليست تلك العجلة التى عرفها العمال على ماكينات المصانع، بما يبذلونه من جهد وعرق - تحية لهم فى عيدهم - بل ينتج الشاب وهو جالس فى بيته على جهاز حاسب آلى.

مصر وضعت البنية التحتية، على مساحة 23.500 ألف متر مربع للمركز الرئيسى فقط، بسواعد 1200 مهندس وعامل من 15 شركة محلية وعالمية،  عملوا فوق وتحت الأرض، ليقدموا لمصر 1400 خادم لتخزين البيانات من أحدث الأجيال التى توصل لها العالم، تخدم 6800 جهاز بنية معلوماتية حكومية للوزارات فى الحى الحكومى بالعاصمة الإدارية فقط، فضلًا عن خدمات كل مؤسسات الدولة بإجمالى 300 ألف مخرج بيانات لصالح الوزارات والجهات الحكومية.

مصر تتغير بقوة فكر وسواعد الإنجاز، واستراتيجيات عمل، وهو ما يستوجب على النخبة والإعلام والأسرة العمل على إعداد الأجيال الشابة لاستثمار ذلك التقدم، ويبقى العمل من أجل الشعب، ويبقى البشر هم الثروة الأهم والقادرة التي إذا أحسنا استثمارها فسنقود العالم، بإذن الله. 

ففى هذا الوطن أشرقت شمس الحضارة، وصيغ أول سطور تاريخ البشرية، ومن جديد تشرق شمس مصر تنشر دفء التقدم والمحبة والسلام.

فى هذا الأسبوع ثلاثى الأعياد.. كل عام والمصريون بخير بمناسبة عيد العمال والقيامة والربيع.. تحيا مصر قوية فتية متقدمة.