الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المنصات الرقمية والقيم الأخلاقية

المنصات الرقمية والقيم الأخلاقية

الانفتاح الهائل الذى ضرب معظم الدول والشعوب فى كل بقاع الكرة الأرضية خلال العشر سنوات الأخيرة يصعب السيطرة عليه بعد أن تسلل وأصبح مخترقًا لكل الأعراف والتقاليد والمُثل والقيم والأخلاق التى تربى عليها معظم مواليد القرن الماضى.. وما يشهده القرن الواحد والعشرون يؤكد أن كل شىء يُبث على القنوات أو المواقع الإلكترونية أو حتى مواقع السوشيال ميديا لن يستطيع أحد أن يمنعه من الدخول إلى بيوتنا المصرية.. معظم أولادنا يلاحقون هذا التطور الرهيب من خلال التليفونات الأندرويد وأصبح كل بيت فى مصر لا يخلو من الإنترنت ، يتابع جميع أفراد العائلة كل ما يريدون معرفته فى جميع المواقع ومعظم المنصات التى تنطلق بسرعة البرق، فتنقل ما تريد وتبث ما تشاء وتفرض خططها وبرامجها الموجهة إلى العالم العربى وإلى الشعوب فى الشرق والغرب. 



كنت أتحدث مع مجموعة من المفكرين وأستاذة الجامعات المتخصصين فى الإعلام والعلوم الاجتماعية نرصد الواقع المتغير الذى أصبحنا جزءًا منه وفُرض علينا دون إرادة من الجميع, وكيف أن رب الأسرة المصرية فى هذا الزمان أصبح لا حول له ولا قوة, ولم يعد يستطيع أن يتحكم فيما يشاهده أبناؤه على السوشيال ميديا والمنصات المتعددة فى عالم لم يعد يعترف بالحدود والمواثيق الأخلاقية وبالتالى يحدث تغير كبير فى القيم والسلوكيات التى نحاول أن نغرسها فى أولادنا. 

الحديث ذو شجون وبعد مناقشات امتدت لساعات طويلة خرجنا جميعًا دون أن نصل إلى حلول نساعد بها كل هذه الأجيال الجديدة المتعطشة لمعرفة كل شىء وتجربة كل شىء بل ممارسة، فى بعض الأحيان، ما نشاهده فى الأفلام والمسلسلات الغربية الوافدة على العادات والتقاليد والأصول المصرية. 

مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، كان له رأى فيما يتعلق بما تطلقه إلينا عبر الفضاء بعض المنصات التى تنفذ أجندة محددة الملامح هدفها طمس الهويات والقضاء على القيم المجتمعية : “إن التمرد على الفضيلة، والتنكر لقيم المجتمع السوية بمخططات وحملات ممنهجة ليس حرية، أو تحررًا، أو إبداعًا؛ بل هو إفساد وإضعاف للمجتمعات، وغمس لها فى أوحال الرذيلة”. 

 إذا إشاعة الفواحش وتهوينها فى عيون الناس خطيئة تنشر الموبقات والجرائم، وتهدد قيم المجتمع وأمنه واستقراره، وبالطبع تؤدى إلى  تشويه المفاهيم الدينية، والقيم الأخلاقية، وإثارة الجدل وهدم الثوابت الاجتماعية داخل الشعوب والدول. 

  ومن هذا المنطلق فإن الواجب على المجتمعات التى تريد أن تدافع وتقف بقوة ضد كل ما هو وارد إلينا من خلال  حروب الجيل الرابع والخامس لنشر الرذائل وغيرها  أن  نصنع  القدوة الصالحة المهمة داخل المجتمع خاصة بين الشباب، وأن نسلط  الضوء على النماذج الإنسانية  المشرفة من خلال الإعلام الوطنى  وأن نرسخ عند أولادنا ونبنى داخل عقولهم جسورًا من الوعى والقيم والأخلاق الحسنة.

علينا أن نتحاور مع أولادنا ونعرفهم بأن الشذوذ الجنسى فاحشة منكرة، وانحلال أخلاقى بغيض، ومخالفة لتعاليم الأديان، وانتكاس للفطرة الإنسانية السوية، وجريمة تطبيعه والترويج له مسخ لهويتنا، وعبث بأمن مجتمعاتنا. 

الحروب القوية المدمرة بدأت بالفعل ولن تنتهى فى السنوات المقبلة.. وما تهدمه القنابل والصواريخ الحربية يمكن أن تصلحه الأيدى البشرية, أما الحروب التى تهدم القيم والثوابت الدينية والأخلاقية وتدعو إلى الانحراف والشذوذ فمن الصعب جدًا أن ينجو منها المجتمع وهذه أشد وأفتك الحروب التى يتعرض لها المجتمع فى الوقت الراهن.

نريد على وجه السرعة مبادرات ومشاريع تنطلق فى محافظات مصر تنادى بعودة القيم والأخلاق التى تربينا عليها يشارك فيها الأزهر والأوقاف والشباب والوزارات المعنية ورجال الفكر والإعلام  وتعقد ورش عمل داخل المدن قبل القرى لنحمى هذا الوطن وشبابه من التيارات والأمواج العاصفة القادمة إلينا عبر المنصات ومواقع السوشيال ميديا..  تحيا مصر.