على عرفات تتنزل الرحمات

الحديث الشريف يقول عن محمد بن مسلمة الأنصارى أن رسول الله ﷺ قال: «إن لربكم فى أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا».. جلست أمس الأول يوم الجمعة وقفة عرفات أتابع القنوات والمنصات السعودية التى تنقل على الهواء مباشرة وقائع وقوف الحجيج من كل  بقاع الأرض وهم يصعدون على جبل الرحمة ويقفون على مشعر عرفات الطاهر.. فى هذه اللحظات الجميلة المباركة نتذكر أوقاتًا جميلة تظل عالقة فى الأذهان طول العمر ونحن نتحرك من مكة المكرمة فى طريقنا إلى مشعر عرفات الطاهر. 

وفى عرفات تتنزل الرحمات وتنسكب العَبْرَات.. هنا على جبل الرحمة جلست على صخرة كبيرة وبجوارى هذا الحاج السودانى الذى ظل يدعو الله لساعات طويلة ما شاء له من الدعوات الصالحة وظل يبكى أيضا لفترة كبيرة.. حاولت أن أخفف عنه بحديث يخرجه عن تلك الحالة فلم يستجب.. أردت أن أبكى مثله فلم أستطع وقد انتابتنى حالة من الضحك والفرح والسرور ولم تذرف عيونى بالدموع طوال ٢٥ يومًا قضيتها فى مكة بجوار البيت الحرام.

أتذكر جيدًا الطريق من مشعر منى إلى جسر الجمرات ومن هذا الجسر سيرًا على الأقدام حتى المسجد الحرام.. الرحلة شاقة ولكنها ممتعة للغاية تشعر بعد أداء الفريضة بأنك قد رجعت بالفعل كيوم ولدتك أمك. 

٢٥ يومًا قضيتها فى مكة حفظت معظم شوارعها ومطاعمها خاصة مطعم بن على القريب من منطقة العتيبه والشارع العام أذهب لتناول الغداء ثم العودة إلى صحن الكعبة أصلى معظم الأوقات بداية من الظهر وحتى العشاء بعدها أتجول داخل مكة وأحيائها خاصة  حى العزيزية وهو أحد  أفضل أحياء مكة داخل حدود الحرم، فهو الأقرب للحرم وبه عدد من  الفنادق  وبه طريق الملك عبدالعزيز وكنت أنطلق سيرًا على الأقدام من العزيزية الى حى الزهراء  ويتبع الحي  بلدية العتيبية وفيها منطقة بوارز الشارع العام حيث المولات الكبيرة والمحلات الشهيرة التى يقبل عليها الحجاج لشراء الهدايا والأقمشة، هذه المنطقة شبيهة عندنا بحى السيدة زينب وفى أول الشارع الرئيسى من منطقة العتيبة تقع أضرحة المعلاة وهى مقبرة أهل مكة منذ العصر الجاهلى إلى الوقت الحاضر، و تضم شواهد بنى هاشم من أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم وأعمامه وأضرحة بعض الصحابة والتابعين، ويوجد بها ضريح زوجة الرسول أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها وضريح عبد الله بن الزبير وأمه أسماء بنت أبى بكر والخليفة العباسى أبوجعفر المنصور وبعض من الصحابة رضوان الله عليهم.. كنت أقرأ الفاتحة ثم أنطلق فى طريقى إلى مسجد الجن وقد  تم بناؤه فى نفس المكان الذى قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن فيه ربعاً من القرآن وقيل فيه نزلت سورة الجن على الرسول ومن هنا سمى مسجد الجن ويعرف عند أهل مكة بجامع الحرس.. كل هذه الذكريات شاهدتها بالأمس عندما تذكرت الأيام الطيبة ورحلة الحج المباركة.أما الذهاب من مكة إلى المدينة المنورة والجلوس فى الروضة الشريفة وزيارة أهل البقيع والصلاة فى مسجد قباء وزيارة جبل أُحد وشهداء أُحد وسوق المدينة ومجمع الملك فهد لطباعة المصاحف والذى يطبع أكثر من ١٠ ملايين مصحف سنويًا وبه أكبر مطبعة فى العالم لطباعة المصحف الشريف ومتحف دار المدينة والغذاء فى مطعم البيك وزيارة وادى الجن تحتاج إلى مقال آخر.. كل عام وانتم بخير.  تحيا مصر.