الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شيشنق الأول (950 ـ 929 ق.م)

شيشنق الأول (950 ـ 929 ق.م)

 ملك مصرى ترجع أصوله إلى أسرة من مدينة إهناسيا جاء مؤسسها بويو واوا الجد الخامس للفرعون شيشنق من إحدى واحات الصحراء الليبية ولذلك عرفت أسرته لدى المهتمين بالتاريخ المصرى القديم باسم الأسرة الليبية، وقد دلت الوثاق التاريخية التى فى متناولنا على أن أسرة «شيشنق» هذا كانت تقطن مصر منذ ثلاثة عشر جيلًا فى «إهناسيا» المدينة التى اتخذوها موطنًا ومعقلًا لهم».



والصحيح أنه وإن كان أصله البعيد يرجع إلى ليبيا، لكن أسرته تمصًرت منذ أن استوطنت مصر من عدة أجيال سابقة وسكنوا إهناسيا المدينة، وصاروا من المواطنين، وتقلد كثير منهم مناصب الدولة، وأظهروا فيها إخلاصًا لوطنهم مصر. فلا يصح القول بأن هذه أسرة ليبية وأن الليبيين حكموا مصر، بل الصحيح أنها أسرة مصرية اندمجت مع المواطنين الأصليين فصارت منهم، شأنها فى ذلك شأن بعض الأسرات المالكة.

ومن التجنى على التاريخ أن يسمى وجود أفراد هذه الأسرة على عرش البلاد أنه استعمار ليبى، أو أن مصر فقدت استقلالها وأصبحت محكومة بغير أبنائها.

استطاع شيشنق أن يتولى حكم مصر ويحمل لقب الفرعون وأسس بذلك الأسرة الثانية والعشرين فى عام 950 ق.م التى حكمت قرابة قرنين من الزمان. وقد عرفه الإغريق فسموه سوساكوس. خلال حكم الأسرة الحادية والعشرين الذى دام مائة وثلاثين عاما تقريبا عصفت خلالها الأحداث بمصر من الداخل والخارج وعم الفساد بالدولة وأنهكت الضرائب كاهل الشعب مما أدى إلى تفكك البلاد ونجح الفرعون شيشنق فى حل هذه  المشاكل سلميا. وقد تعرف العالم على الفرعون شيشنق بعد اكتشاف مقبرته من قبل الفرنسى البروفيسور مونيته فى سنة 1940م والتى وجدت بكامل كنوزها ولم تتعرض للنهب، وكان هذا الاكتشاف يشكل حدثا مهما مثل حدث اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون لولا أن توقيت هذا الاكتشاف كان على أعتاب الحرب العالمية الثانية فلم ينل التغطية والاهتمام كما حدث عند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.

وكان أول عمل قام به هو تعيين ابنه أوبوت كاهنا أعظم فى طيبة ليضمن السيطرة على هذا المركز المهم، وبعد ذلك بدأ بتنفيذ برنامج عمرانى واسع لا تزال آثاره الخالدة حتى هذا اليوم، منها بوابة ضخمة تعرف الآن باسم بوابة شيشنق وكانت تدعى فى عصره ببوابة النصر وهى جزء من امتداد الجدار الجنوبى لبهو الأعمدة الشهير وقد سجل على هذه البوابة كعادة الملوك المصريين أخبار انتصاراته فى فلسطين وتاريخ كهنة آمون من أبناء أسرته.

وعلى جدار معبد الكرنك سجل شيشنق انتصاراته الساحقة على إسرائيل فى فلسطين، وقد حفرت هذه الرسوم على الحائط الجنوبى من الخارج، وبهذه الفتوحات والغزوات يكون شيشنق قد وحد منطقة مصر والسودان وليبيا والشام فى مملكة واحدة لأول مرة، ونقوشه تصور ما قدمته هذه الممالك من جزية بالتفصيل وبتحديد حسابى دقيق.