الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أنوار «آل البيت» فى مصر

أنوار «آل البيت» فى مصر

ذهبت الأسبوع الماضى لزيارة مولانا الإمام الحسين بن على رضى الله عنه.. الزيارة كانت يوم الجمعة، الحشود من المحبين حول المسجد والمقام بالآلاف.. هذا الحُب الجارف للإمام الحسين لا يأتى من فراغ يملأ قلوب الكثيرين من المصريين أقباطًا قبل المسلمين.. المثل القديم يقول :”ليس من رأى كمن سمع” ولقد رأيت أخوة من المسيحيين يبكون على أبواب  المسجد محبة فى سيد الشهداء رضى الله عنه وأرضاه. 



تظل مصر عامرة بالمحبة وتظل فى رباط إلى يوم القيامة طالما تجمّع أهلها الطيبون حول مساجد وأضرحة آل البيت.. ولن يستطيع أحد أن يفرق بين المصريين أبدًا طالما اندثر التشدد والتطرف وأصحابه من تلك التيارات المتأسلمة.. كل يوم يدخل فى رحاب محبة آل البيت مئات الآلاف من المحبين وقد أحسن الرئيس عبدالفتاح السيسى أن أمر بتجديد الأضرحة والمساجد فى كل ربوع مصر خاصة فى القاهرة.. تدخل إلى المسجد الحسينى وضريحه العامر المبارك تشعر وكأنك فى روضة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  فى المدينة المنورة.. المسجد رفعت منه المراوح المعتادة  والموجودة فى كل المساجد منذ مئات السنين وحل مكانها “تكييف مركزى” وزخارف إسلامية أكثر من رائعة مع إضاءة جمالية هادئة ونظافة مستمرة من العاملين فى المسجد على مدار الساعة وبين الصلوات الخمس.. الدخول إلى المقام المبارك بعد تجديد المقصورة الرئيسية التى تم طلاؤها بالذهب وجددت بدءًا من الأبواب ومرورًا بالحوائط والأرضيات التى جددت بالكامل بأفخم وأغلى أنواع الرخام فى العالم.. فى هذه اللحظة وروحك تطوف بكل ركن فى المقام تشعر وكأنك فى عالم آخر من الصفاء الروحى والقرب من الله ورسوله وآل بيته الأطهار.. لا حرج علينا نحن أهل مصر أن نعلنها صريحة بأن حب سيدنا الإمام الحسين يسكن فى الأرواح قبل القلوب وسنظل على هذا العهد حتى قيام الساعة.. أتذكر تلك القصيدة التى عُلقت فى مقام سيدنا  الإمام على زين العابدين - رضى الله عنه - وقد قالها الفرزدق أحد شعراء بنى أمية عندما حج هشام بن عبدالملك فى عهد أبيه، طاف بالبيت، وحاول جاهدًا أن يصل إلى الحجر الأسود ولكنه لم يستطع بسبب الزحام الشديد، فأحضر كرسيًا لنفسه وجلس عليه يشاهد الناس مع مجموعة من أعيان الشام، وفى هذا الوقت أتى زين العابدين على بن الحسين بن الإمام على بن أبى طالب وقام بالطواف بالبيت، وعندما اقترب من الحجر الأسود تنحى الناس له حتى سلم “زين العابدين” على الحجر، فسأل رجل من أهل الشام وقال لهشام من هذا الذى هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، وكان الفرزدق حاضرًا فقال: أنا أعرفه،ثم قام  فأنشد هذه القصيدة فى وقتها فغضب منه هشام وأمر بحبسه بين مكّة والمدينة. 

هذا الذى تعرف البطحاءُ وطأته… والبيت يعرفهُ والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم … هذا التقى النقى الطاهر العلم

هذا ابن فاطمةٍ إن كنت جاهله … بجده أنبياء الله قد ختموا

وليس قولك: من هذا؟ بضائره … العرب تعرف من أنكرت والعجم

كلتا يديه غياثٌ عم نفعهما… يستوكفان و لا يعروهما عدم

سهل الخليقة لا تخش بوادره… يزينه اثنان حسن الخلق والشيم

حمال أثقال أقوامٍ إذا افتدحوا… حلو الشمائل تحلو عنده نعم

ما قال: لا، قط إلا فى تشهده … لولا التشهد كانت لاءه نعم

عم البرية بالإحسان فانقشعت … عنها الغياهب و الإملاق والعدم. 

هؤلاء الكرام هم صفوة الخلق فى الأرض أينما حلت أرواحهم وأجسادهم حلت البركة وجاء الخير وأقبل الناس على هذه البقاع الطيبة يلتمسون المحبة والرضا من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كل الشكر لجهود الدولة وعلى رأسها القيادة السياسية أن بدأت عمليات الإحلال والتجديد والتطوير للمساجد الكبرى فى القاهرة الفاطمية وعلى رأسها مسجد الإمام الحسين ومسجد السيدة زينب ومسجد السيدة فاطمة النبوية الذى تم افتتاحه والصلاة فيه الجمعة الماضية.. ومن الواجب أن نشيد بوزارة الأوقاف التى بالفعل لن تدخر جهدًا فى سبيل الحفاظ على قدسية بيوت الله من خلال الوزير الدكتور محمد مختار جمعة والذى أهمس فى أذنه بضرورة أن يكون هناك لجان مرور وتفتيش بصورة دائمة للحفاظ على كل هذه الإنجازات التى حققتها الدولة مؤخرًا فى مساجد آل البيت.. وقد أعجبتنى كثيرًا تلك الإجراءات الأمنية فى محيط الساحة الحسينية وهذا المشهد الحضارى للميدان بعد التطوير الذى أصبح أحد أهم المعالم السياحية فى منطقة خان الخليلى.. حفظ الله رجال الشرطة البواسل وأنعم الله  على وطننا بالأمن والأمان.. تحيا مصر.