الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
48 ساعة فى سيناء

48 ساعة فى سيناء

تظل سيناء هذه الأرض الطاهرة هى عشقى، وجزء من روحى، التى ترتفع إلى عنان السماء، عندما أضع قدمى على رمالها الطاهرة.



تقول دائرة المعارف البريطانية :إن اسمها ربما يكون مشتقًا من اسم أحد الآلهة القدماء فى الشرق الأوسط وهو إله القمر سين.

سيناء هذه الأرض التى تلقى فيها النبى موسى الوصايا من الله، فضلًا عن أنها شهدت رحلة عائلة المسيح إلى مصر.

الزيارة الأخيرة لهذه البقعة، كانت لمدينة نخل فى وسط سيناء التى تعتبر حلقة ربط بين شمال سيناء وجنوبها. 

نخل كانت عاصمة سيناء القديمة وكانت بمثابة مركز بلاد التيه وقيل: إنها سميت (نخل) لنعومة رمالها التى تبدو كأنها نُخلت بمنخُل وهى مدينة التاريخ والآثار، لاعتبارها أهم محطة على طريق الحج المصرى القديم، وقد عرفت نخل على مر العصور التاريخية، ولكنها ازدهرت فى العصر الإسلامى ، عند افتتاح طريق الحج المصرى فى أواخر الدولة الأيوبية، باعتبارها المحطة الرئيسية فى تمويل وتزويد قوافل الحجيج.

المدينة بها مستشفى كبير يخدم أهالى المدينة والمدن المجاورة، وبها أفضل الأطباء فى مصر، ولم لا ؟! وقد علمتُ من بعض شيوخ البدو الكبار أن هذه الأرض لا يرتاح فيها غير أنقياء الروح والجسد.. ذهبنا إلى قصر ثقافة نخل الذى يعتبر تحفة معمارية رائعة تم بناؤه قبل 7 سنوات وفى انتظار افتتاحه رسميًا خلال إحتفالات سيناء بنصر أكتوبر المجيد لكى يكون طاقة من النور الثقافى لأهالى المنطقة، وفى تقديرى الشخصى يبلغ حجم إقامة مثل هذا المبنى فى الوقت الحالى ما يقرب من ١٠ ملايين جنيه. 

أطفال وشباب وسيدات مدينة نخل كانوا فى انتظار أكبر قافلة ثقافية دخلت إلى نخل منذ سنوات طويلة وكانت تضم عددًا من الصحفيين برئاسة الكاتب محمد نبيل رئيس إقليم القناة وسيناء الثقافى.. استقبلنا الأطفال والأهالى من قبائل التياهة والأحيوات بعدد من الفقرات المتنوعة ما بين الفنية والغنائية وعمت الفرحة وجوه الأطفال الذين شاركوا القافلة من خلال ورشة الفنون التشكيلية وورشة الرسم بالألوان وورشة إلقاء الشعر، كما تجمع العشرات من الأطفال فى قسم اكتشاف المواهب الفنية والأدبية كالغناء والعزف الموسيقى وإلقاء الشعر النبطى، وأبدى أسر الأطفال من أهالى القبائل رغبة كبيرة فى استمرار تواجد القوافل الثقافية بمدينة نخل والمساعدة لتأسيس فرقة كورال أطفال نخل وفرقة الإنشاد الدينى، كما شاركت أعداد من سيدات نخل فى ورشة الخرز وطالبن بتنفيذ ورش التفصيل والتطريز. 

وقَدمت فرقة مواهب العريش فقرات فنية لأطفال العريش الذين أصروا على مشاركة القافلة بعرض فنى لهم بمدينة نخل. 

أطفال وشباب سيناء فى أمس الحاجة إلى المزيد من اللقاءات الثقافية والفكرية حتى يكونوا أبناءً مخلصين ومحافظين على أرض هذه البقعة المقدسة. 

انطلقنا من نخل إلى مدينة الحسنة ومن الحسنة فى الوسط إلى مدينة العريش لافتتاح أحد المعارض الفنية وحضور حفل لفرقة الموسيقى العربية وإلقاء عدد من المحاضرات للشباب فى العريش عن الدور الوطنى الذى يقوم به رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة بالتعاون مع أهالى سيناء الشرفاء للقضاء على ما تبقى من فلول الإرهاب الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة فى بعض الأماكن الصحراوية البعيدة. 

كل هذه اللقاءات الثقافية كانت فى يوم واحد، وفى اليوم الثانى، انطلقنا على رأس القافلة الثقافية إلى مدينة الشيخ زويد لحضور ورش الرسم والفنون الشعبية التى يقوم بها أطفال المدينة خلال فترة الإجازة الصيفية. 

سيناء لا تزال فى أمس الحاجة إلى تنمية الوعى الفكرى، إلى جانب محور التنمية الذى يتم تنفيذه على الأرض من خلال المشروعات العملاقة فى منطقة وسط وشمال سيناء. 

مشقة السفر والجلوس فى السيارة ما يقرب من ١٢ ساعة حتى تستطيع أن تنجز عملك وهدفك فى الوصول إلى أكبر قدر ممكن من أطفال وشباب سيناء يتلاشى وينتهى هذا الإرهاق بمجرد أن تتحدث مع طفلة من أطفال البدو، تريد أن تصبح طبيبة أو مهندسة، هذا الطموح واجب ومشروع وعلينا أن نحقق أحلام هؤلاء الأطفال والشباب فى سيناء إذا كنا نريد أن نقضى على الأفكار المتطرفة والمتشددة التى ضربت عقول بعض الشباب فى سنوات ماضية خاصة بعد ٢٠١١. 

سيناء منجم من الذهب الخالص.. صندوق يحمل كل خيرات الدنيا فى مكان واحد.. بقعة مباركة يطمع فيها الأعداء على مر العصور، وقد انتبهت دولة ٣٠ يونيو لهذا وهناك رؤية سياسية خاصة  لتنمية هذه الأرض التى لا تزال بكرًا إلى يومنا هذا..  تحيا مصر