الأربعاء 4 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الكابوس المظلم

الكابوس المظلم

القارة الأوروبية تعيش هذه الأيام وضعًا اقتصاديًا صعبًا نتيجة تضخم مشاكل التوريدات وحركتها التى بدأت مع ظهور جائحة كورونا، وكان البعض يتصور فى أوروبا أن جائحة كورونا هى الأكبر والأعظم فى تاريخ القارة العجوز، وكانوا يتمنون زوالها حتى تعود الحياة كما كانت عليه فى الماضى، الآن الحياة دائمًا لا تأتى كما تشتهى السفن، ففجأة وبدون مقدمات اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية التى أدت إلى تداعيات اقتصادية على القارة الأوروبية فاقت وبكثير تداعيات جائحة كورونا.



ومع تفاقم الوضع فى أوكرانيا وعدم وجود نهاية فى الأفق ستتأثر أوروبا بشكل عام وبشكل مباشر على عدة مستويات، خاصة أننا مقبلون على فصل الشتاء، وبالنظر إلى الروابط الاقتصادية القوية مع روسيا وأوكرانيا فإن الوضع سوف يكون أسوأ وبكثير عن الأيام الحالية، ففى هذا الوقت تعانى أوروبا من أكبر تداعيات اقتصادية شهدتها فى تاريخها، بعد الحرب العالمية الثانية ،وكلما طال أمد الحرب زاد التأثير السلبى على الاقتصاد الأوروبى، إذ تعتمد دول التكتل الأوروبى بشكل كبير على الطاقة الروسية، وعلى الرغم من أن جميع البلدان بدأت بالفعل منذ فترة فى التحول إلى المصادر المتجددة، إلا أن معظمها لم يكن بالسرعة الكافية، وفى الوقت الذى تفكر فيه أوروبا فى الإسراع فى الاعتماد على الطاقة النووية قد تضطر دول شرق أوروبا إلى النظر إلى محطات الفحم المتوقفة لإعادة تشغيلها.

وتعتمد أوروبا أيضًا فى حياتها اليومية على أوكرانيا فى إمدادها بالسلع والمواد الغذائية من حبوب وخضر وفاكهة، والتى توقفت بنسبة زادت عن 70٪ عن ذى قبل ،مما يزيد الاقتصاد فى أوروبا اشتعالًا، فقد زادت أسعار الأغذية أكثر من ثلاثة أضعاف فى الوقت الحالى، ومتوقع أن تزيد أكثر فى الأيام والشهور القادمة، خاصة مع دخول فصل الشتاء، الأمر الذى سوف يزيد الأمور تعقيدًا فى القارة الأوروبية، حالة من القلق الشديد تسود كل دول القارة، حيث من المتوقع أن تؤدى هذه الحرب إلى حملة من التبعات الاقتصادية والآثار المؤلمة التى قد تهز القارة الأوروبية بأكملها، خاصة إذا طال أمد الحرب، مما سوف يحول الحياة فى أوروبا إلى كابوس مظلم.

خبراء اقتصاد فى أوروبا حذروا من إطالة أمد الغزو الروسى لأوكرانيا والذى بدوره سوف يؤدى إلى ارتفاع حاد فى التضخم بالرغم من ارتفاع تكلفة المعيشة التى وصلت بالفعل إلى أعلى المستويات منذ ثلاثة عقود، بحسب التقارير الصحفية هناك، ونظرًا لأن روسيا من أكبر مصدرى الغاز الطبيعى فى العالم وثانى أكبر مصدر للنفط، فإن المخاطر كبيرة فى الاقتصاد العالمى، وهى مخاطر تعيد إلى الأذهان حرب أكتوبر التى اندلعت بين مصر والعرب من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى عام 1973، والتى أدت إلى انتكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمى، بما فى ذلك أسواق الطاقة بعد توقف العرب عن إمداد الدول التى تساعد إسرائيل بالنفظ، ولأن المصائب لا تأتى فرادى فإن أوروبا أصبح مستقبلها مظلمًا للغاية بعد انتشار ظاهرة جفاف الأنهار، وارتفاع نسبة التصحر فيها، الأمر الذى يجعلها تعيش فى كابوس مخيف ،ومستقبل غامض للغاية، وكأن هذه القارة سوف تحول إلى ما يشبه الخرابة فى المستقبل.

على دول العالم وعلى أوروبا بالتحديد أن تعمل بكل الطرق على وقف الحرب الروسية الأوكرانية، وتتجه إلى التصالح مع نفسها ومع البيئة حتى تخرج من كبوتها ومعها سوف يخرج العالم كله من هذه الكبوة العالمية، والتى يمكن أن تؤثر على الجميع والخاسر الأكبر دول العالم الثالث بالطبع.. حفظ الله مصر وحفظ الله الجميع.