الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حبـة الغلـة القـاتلـة

حبـة الغلـة القـاتلـة

تربطنى علاقة وثيقة بالأرض وقد تعلمت منذ الصغر أحوال الزراعة والفلاحة.. كنت أحفظ أسماء المحاصيل الحقلية فى الصيف والشتاء، فى فصل الصيف الحارق كنت أجلس وأنا صغير بجوار حقل القمح، أحضر الضم، وبعدها الدريس، وكانت هذه العملية شاقة للغاية فى العصور الماضية، فى سنوات القرن الماضى وحتى وقت قريب قبل ثلاثين عامًا، عندما ظهرت الجرارات الزراعية وتبعها «دراسة القمح» حتى وصلت إلى الفلاح منذ عدة  أعوام «الضمامة» التى تضم القمح بدلًا من الفلاح، وأصبحت الآلات الزراعية مساعدة للفلاحين فى جميع المحاصيل الصيفية والشتوية.. كان لى جدة ـــ رحمة الله عليها ـــ من جهة والدتى غاية فى النظافة والشطارة والمحافظة على تخزين القمح لسنوات دون أن تصله السوسة فتقضى على خزين العام الذى كنا نصنع له «شونة» فوق سطح الدار مصنوعة من الطين اللبن ومجوفة من الداخل نضع فيها القمح لسنوات طويلة دون أن يصاب بالعفن أو السوس أو أن تصله الفئران فتقضى على آخره فى بعض الأحيان.. سلوك الأجداد القدماء وحياتهم البسيطة وحتى قلوبهم كانت نظيفة وكانوا دائمًا بالقرب من الطبيعة يستخدمونها فى الحياة اليومية ،فكانوا لا يشتكون من الأمراض المعضلة التى ضربت الناس فى كل المحافظات فى عصر الحداثة والإنترنت .. كانوا يشربون من نهر النيل فى الخمسينيات والستينيات ولا يصابون بهذه الأمراض التى نسمع عنها، وقد أنهكت أكباد المصريين خاصة الفلاحين.. كل الأمراض ظهرت بعد تلويث مياه  نهر النيل بالمخلفات الصناعية والصرف الصحى والزراعى خاصة أن الدولة قديمًا لم تقدم فى هذه العصور مشروعات خدمية لحماية المواطن.. هذه مقدمة بسيطة أريد أن أدخل منها للحديث عن آفة خطيرة ظهرت على السطح مؤخرًا وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا خلال الشهور الأخيرة والثلاث سنوات الماضية حتى أنها أصبحت موجة لا يمر يوم دون الاستيقاظ على خبر مؤسف يمزق قلوب المصريين. 



«حبة الغلة القاتلة» التى نعرفها جيدًا فى الفلاحين منذ أواخر التسعينيات والتى تستخدم لحفظ القمح فى كل المحافظات الزراعية فى الصعيد وفى الوجه البحرى أصبحت قنبلة ليست موقوتة ولكنها قاتلة داخل المجتمع لأنها تعتبر أسرع وسيلة انتحار ومفارقة الحياة فى دقائق معدودة وسهل الحصول على هذا القرص القاتل وهو بحجم قرص النعناع، يتم تناوله من قبل الشباب للخلاص من الدنيا.. «حبوب الغلة» عندما يبتلعها الإنسان تتم عملية تفاعل سريعة للغاية داخل الأمعاء وينتج عن هذا التفاعل نوع من الغاز السام يمكن أن يقتل فيلًا فى دقائق معدودة.

  السؤال الذى أطرحه بعد أن قامت العديد من الدول العربية وقبلها الأجنبية بعدم دخول مثل هذا النوع من المبيدات التى كانت تستخدم فى القضاء على الفئران وتم إحلال منتجات وأشياء أخرى بدلًا من هذا السم القاتل الذى كنا نستخدمه لحفظ القمح وتطور الأمر وأصبح تريندًا للانتحار والقضاء على أرواح الشباب؟. 

هل هناك أمل فى تشريع يمنع دخول هذا النوع من المبيدات إلى الأراضى المصرية وأن تصدر وزارة الزراعة قرارًا بتجريم مثل هذا النوع من الأقراص القاتلة؟ أتمنى أن تنتبه الحكومة وقبلها مجلس النواب لهذه القضية بعد أن شاهدنا حالات كثيرة خلال الأسابيع الماضية تنتحر بهذا النوع شديد السُمية من المبيدات المستوردة. تحيا مصر