الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
التربية والتعليم

التربية والتعليم

بدأ العام الدراسى فى الجامعات والمعاهد والمدارس وبدأت حالة الطوارئ فى كل البيوت المصرية وكان الله فى عون كل الأسر التى عندها ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية فقد جربت هذه المطحنة التى يتعرض لها كثير من المصريين. 



من زمن طويل وأنا أتحدث عن ضرورة وجود منظومة تعليم جيدة0 حتى نستطيع أن نُخرج أجيالًا من الشباب يصبحون فيما بعد مشاعل من النور تفيد وطنها وتعبر به إلى التقدم التكنولوجى والمعرفى.. مصر بلد عظيم قاد أبناؤه العديد من الدول المجاورة فى السبعينيات وحتى وقت قريب من القرن الماضى ،وضع هؤلاء الرجال المحاور والركائز الأولى للتعليم فى كثير من الدول العربية، وانطلقت هذه الدول للحقيقة وطورت من نفسها وأدخلت الكثير من المناهج الدراسية الجديدة والحديثة لأبنائها وأرسلت الكثير منهم فى بعثات علمية وتعليمية إلى أوروبا وصرفت عليهم حتى رجعوا إلى دولهم يحملون مشاعل التقدم والخبرات التى تؤهلهم لكى ينهضوا ببلادهم.. الأمثلة كثيرة حولنا ولكن العجيب أن مصر كانت من أوائل الدول فى الشرق الأوسط التى أرسلت أبناءها فى بعثات لتلقى العلم والحصول على درجات الماجستير والدكتوراه من الخارج ، والأمثلة كثيرة من أيام محمد على باشا، حيث تذكر بعض المراجع التاريخية أن أول بعثة للطلبة المصريين إلى أوروبا  كانت فى عام  1813 وما بعدها، وكانت إلى  إيطاليا، خاصة فى ليفورن وميلانو وفلورنسا وروما وغيرها من المدن الإيطالية ، ودرس الطلاب المصريون  الفنون العسكرية وبناء السفن وتعلم الهندسة وغير ذلك من الفنون.

أفراد هذه البعثة لم يتناولهم الإحصاء الدقيق، وإنما يعرف منهم “نقولا مسابكى” أفندى الذى أُوفد إلى روما وميلانو سنة 1816 بواسطة “المسيو روستى” قنصل النمسا فى مصر ليتعلم فن الطباعة وما آل إليها من سبك الحروف وصنع قوالبها، فأقام أربع سنوات ثم عاد إلى مصر فتولى إدارة مطبعة بولاق سنة 1821 وبقى مديرًا لها إلى أن توفى سنة 1831.

أيضا تم إرسال بعثات تعليمية إلى فرنسا وإنجلترا لدراسة كيفية بناء السفن والملاحة ومناسيب الماء وبلغ عدد هؤلاء جميعًا 28 طالبًا، ولم يعرف أفراد هذه الإرساليات، وإنما عُرف من أفراد بعثة فرنسا شاب كان له شأن كبير فى تنظيم البعثات الكبرى التى أخذت تتدفق نحو فرنسا، وهو عثمان نور الدين أفندى الذى صار أميرالاى للأسطول المصرى.. وجاء بعد محمد على باشا ملوك ورؤساء مصر فى كل الأزمنة والعصور يرسلون أبناء الوطن للتعلم فى الخارج. 

الغريب أننى سمعت الأسبوع الماضى أن الأسر المصرية البسيطة فى الريف أصبحت ترسل أولادها البنات قبل الشباب إلى روسيا وأوكرانيا ودول شرق أوروبا، لكى يكملوا دراستهم الجامعية فى هذه الدول وعلى النقيض لى أصدقاء أعزاء فى بعض الدول العربية فى السعودية وفى الإمارات وفى الكويت تعلموا فى مصر ، جاءوا بأولادهم لكى يكملوا دراستهم الجامعية فى جامعة القاهرة وعين شمس وفى الأزهر الشريف وبعض الجامعات الخاصة والأهلية، وهؤلاء الناس ميسورو الحال وعندهم المقدرة الكافية أن يتعلم أبناؤهم فى أكسفورد وكمبريدج ولندن وإدنبرة وزيورخ وجلاسكو وغيرها من الجامعات العريقة فى أوروبا.. والسؤال هنا لماذا فضل هؤلاء الناس مصر دون غيرها من دول العالم؟! طرحت هذا السؤال على صديق جاء بأولاده لكى يتعلموا هنا فى مصر على الرغم من وجود تعليم جيد جدًا فى بلده الشقيق.. الرد كان بسيطًا جدًا من الرجل بأن مصر مهما اشتدت عليها المحن تظل بلد العلم والعلماء ويظل أهلها يتمتعون بالطيبة والكرم وشهامة أولاد البلد.. الرجل الكريم قال لى: إنى أسافر وأترك أولادى بالأسابيع وحتى الشهور وأنا مطمئن عليهم فى مصر ولكن إن ذهب هؤلاء الأبناء إلى أوروبا فالعلم عند الله بمصيرهم وأنا لن أستطيع أن أحرصهم من تبعات التحرر الغربى المخالف للتقاليد والعادات التى تربينا عليها فى الشرق. 

لحد هنا كلام جميل جدًا.. شاهدت مؤخرًا سيجالًا على مواقع التواصل عن  بعض المدارس الدولية التى تستقدم مدرسين أجانب يحاولون نشر بعض الأفكار الشاذة عند أولادنا هذا الكلام يحتاج وقفة حتى لا يضيع أبناؤنا الذين يدرسون فى هذه المدارس.. الحفاظ على التقاليد والعادات المصرية تعتبر صمام أمان للدولة وللشباب والبنات لا يمكن التفريط فيها وإذا حدث لا قدر الله العكس انتظروا ما لا يحمد عقباه.  تحيا مصر.