الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مطرح ما فى ترند

مطرح ما فى ترند

الشعب المصرى عاطفى بطبعه، تحكمه مشاعره، تثار أحاسيسه الرقيقة تجاه كل موقف وكل قصة وكل حكاية يتخللها نوع من الظلم ودرب من القهر، يعشق أن يقوم بدور المنقذ، يهاجم الجلاد شر هجوم، ويلتمس مليون عذر للضحية، وينفخ فيها مثل النفخ فى البالون، ويحولها لبطل شعبى، حتى يكبر حجمه أكثر وأكثر حتة سرعان ما ينفجر هذا البطل الوهمى فى وجوهنا جميعاً دون أدنى رحمة أو أقل شفقة، وهذا ما شهدناه جميعاً مع المظلوم المكلوم الضعيف المغلوب على أمره «محمد» عامل النظافة البسيط بطل واقعة محل الكشرى الذى أراد أن يشترى علبة كشرى يسد بها جوعه، فطلبوا منه الانتظار فى الخارج حتى يتم تجهيز طلبه فأغرقت فيديوهاته وهو يثور ويصيح اعتراضاً على التقليل من شأنه لأنه عامل نظافة ليصبح ترند على كل مواقع التواصل الاجتماعى بأقل جهد وبخطة أكثر ذكاء وحنكة وفطنة.



تهافت كثيرون من نجوم المجتمع على محمد، منهم من اصطحبه على أفخم محل سمك وجهز له غدوة لذيذة من المأكولات البحرية، ولم ينس أن يشارك بصور هذه العزومة على مواقع السوشيال ميديا ليكون قدوة ومثل لغيره، ومنهم من أكد أنه وفر له فرصة عمل تليق به، حتى وجدنا أنه سيعمل سائقا وعاملا فى أستوديو أحد البرامج التليفزيونية وغيرها من فرص العمل والسفر والأكل حتى ظن الرجل أنه سوبر ستار وسولت له نفسه أن يطلب مبلغا وقدره نظير ظهوره فى أحد البرامج التليفزيونية.

لا ألوم على محمد، ذلك البطل المزعوم، الذى حولناه دون وجه حق إلى بطل مغوار، ولكن ألوم على المجتمع ونجومه الذين يعطون بسفه متناسين أن هناك ألف محمد غيره، لا يريدون أن يكونوا نجوماً ولا أبطالاً، بل كل حلمهم هو أن يجدوا فرصة عمل تناسب مؤهلاتهم العالية، أو حلمهم أن يتوفر قوت يومهم لهم ولأبنائهم لأنهم أرزاقية وعلى باب الله.

نجيد وبمهارة لا مثيل لها «صناعة الترند»، وهناك من أصبحوا أساتذة ورؤساء أقسام فى هذا الموضوع، حتى أصبحت صناعة أسهل من صناعة الصابون فى البيت، ما عليك سوى أن توصى أحدا بأن يصورك فيديو وأنت تتعرض لمعاملة غير آدمية من إحدي الجهات، وقم بمشاركة هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى وأترك الباقى على رواد هذه المواقع سيقومون بالواجب وزيادة وستجد نفسك بمرور الوقت بطلا من طراز فريد ونجم ليس له مثيل، تتهافت عليك قنوات التليفزيون، ويبحث عنك النجوم والفنانين فى كل مكان ليأكلوا ويشربوا معك ويلتقطوا الصور التذكارية.

أتمنى أن أجد شخصا نجح فى ابتكار شىء ما أو قدم لنا فكرة إيجابية أن يصبح ترنداً، نراه على شاشات التلفزيون وهو يشرح فكرته ويتحدث عن ابتكاره وكيف أنه أراد أن يترك أثراً إيجابياً ويفيد مجتمعه ولا يريد أى مقابل سوى إفادة البشرية جمعاء، وقتها مطرح ما يكون موجود هذا الترند هل سنتهافت عليه بكل قوة وعزم؟! أتمنى أن تكون الإجابة نعم.