الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 انتش واجرى

انتش واجرى

بعيدا عن الجدل التافه الدائر منذ أيام حول أغنية تحمل هذا الاسم وهو الذى لا أعرف إن كان بصيغة الأمر «انتش واجرى» أم أنه باسلوب بيان الحال «انتش واجرى» إلا أن هذا العنوان ذكرنى بتصرفات المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعى فى تناولهم لما ينشر على صفحاتها، فمن المعروف أن أسلوب تلك الشبكات قد أحال المستخدمين إلى كائنات ضيقة الفكر والتفكير لا تتميز باى درجة من درجات سعة الصدر أو الصبر للتعرف على أى موضوع من كل جوانبه ولا قادرة على الانتباه لقراءة كتاب كبير أو حتى مقال صغير. هؤلاء المستخدمون أصبحوا يرغبون فى التعرف على أى موضوع أو خبر من خلال كلمات قليلة لا تزيد على السطرين بأى حال من الأحوال، ثم بعد ذلك يقومون بإدارة حلقات النقاش والجدل حول ما فهموه من هذه السطور القليلة غير عابئين للمعنى الأشمل أو السياق العام أو حتى المقصد الرئيسى لتلك الكلمات.



أكثر الأمثلة الواضحة على هذا التوجه هو ما تقوم به بعض الصفحات التابعة لعدد من الصحف من اجتزاء لجزء من حوار تليفزيونى أم مع أحد ضيوف برامج التوك شو ثم يتم نشر عبارة صغيرة من هذا الحوار بصورة منفردة بغرض اللهاث وراء التريند وزيادة التفاعل على منشورات الصحيفة على تلك الشبكات، مثال على هذا لمسناه فى حوار عدد من نجوم الفن فقد يتحدث أحدهم ضمن حوار طويل يوضح فيه رأيه الشخصى فى مقارنة عدد من الممثلين  مثلا حيث يشير الضيف إلى أن الفنان فلان أقل مهارة من الفنان علان فى اشتراكهما معا فى أحد الأعمال الفنية وهو رأى يحترم حتى وان اختلفنا معه إلا أن الخبر الذى نجده منتشرا لا يتحدث عن تلك المقارنة ولا عن هذا العمل الفنى بل نجد الخبر يشير إلى أن الفنان فلان أقل من المستوى المطلوب وذلك بصفة مطلقة مما يساعد على اثارة حالة من الجدل التافه والنقاش الفارغ الذى سرعان ما يتطور إلى الهجوم على الضيف مع استحضار أطراف أخرى للمشاركة فى القضية كان يتم سؤال شخص ثالث عن هذا التصريح أو دخول الفنان فلان أو أى أحد من أفراد أسرته على الخط ولا مانع من تحريك بلاغ رسمى أو دعوى قضائية ضده بتهمة السب والقذف أو العيب فى شخص الفنان.

الأسوأ من هذا أن يحدث هذا الاجتزاء فيما يتعلق بالأمور الشرعية كالفقه والأحكام والآراء الدينية على غرار اجتزاء بعض آيات القرآن الكريم كذكر الآية الرابعة من سورة الماعون بصورة منفصلة فنقول «فويل للمصلين» بدون أن نذكر الآية التالية لها أو اخذ جزء من الاية 43 من سورة النساء «يا أيها الذين امنوا  لا تقربوا الصلاة» بدون اكمال باقى الآية أو تفسيرها.

وفى النهاية اتمنى أن يأتى اليوم الذى نتوقف فيه عن «النتش» و«الجرى» فهى سمة الجهال والمتسرعين.