الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مدينة السلام والمناخ.. الميلاد الثانى لشرم الشيخ

مدينة السلام والمناخ.. الميلاد الثانى لشرم الشيخ

من الواجب أن نعترف صراحة وأن نُقر بلا جدال بتقصيرنا فى حق التسويق لأنفسنا سواء على مستوى السياسات والإنجازات ونترك المساحة فى ماضينا وحاضرنا لغيرنا، يكتب عنا ما يشاء ويسوق عنا ما يريد، تلك المساحات المهملة من تاريخنا وحاضرنا يعبث فيها الكثيرون، بالتزوير والتدليس ونسب أمجادنا لأنفسهم!



الأمثلة كثيرة.. صعبة على الحصر، ولنا فى شرم الشيخ نموذج وعبرة، كيف سمحنا أن يُسرق تاريخ هذه المدينة ونشأتها إلى العدو المحتل.. شرم الشيخ ابنة الدولة المصرية بالميلاد والمنشأ والجغرافيا والتاريخ.

 الصدمة أن تجد نسبًا مزورًا لهذه المدينة المصرية يعيد نشأتها إلى إسرائيل فى عام 1968 لمجرد أنها أنشأت مستعمرة «عوفير» كمقر لقواتها الجوية أثناء احتلال سيناء!

ذلك ما هو مكتوب نصًا على موقع «ويكيبديا» ومنه تتناقل المعلومة المزيفة عبر الشبكة العنكبوتية والتعامل معها كحقيقة دامغة!

لا شك أن الأمر يحتاج منها جهدًا فى تلك المساحات المهملة.. شرم الشيخ هى أيقونة الإرادة المصرية التى استردتها مصر عبر الحرب والسلم لتشرع فى عام 1982 فى تشييد واحدة من أجمل مدن العالم وأبدع المنتجعات السياحية، فكانت هذه المدينة الساحرة شاهدة على قدرة الدولة المصرية فى تأسيس أول مدينة للسلام العالمى بمعايير ومواصفات عالمية، ومنتجعًا سياحيًا رائعًا كان واحدًا من أجمل أربع مدن فى العالم حسب تصنيف BBC فى عام 2005.

 «مدينة السلام» هكذا يعرفها العالم، كانت وما زالت نموذجًا مصريًا فى مجال تطوير وإنشاء المدن عبر القطاع الخاص والمستثمرين المصريين الذين تسلموها مجرد رمال وجبال وطبيعة خشنة جرى استئناسها وإزالة الغبار عنها لتكون مقصدًا سياحيًا عالميًا.

لطالما عُرفت شرم الشيخ بالمقصد الأول للعديد من الزعماء والقادة حول العالم، حيث استضافت فى الفترة من 1995 وحتى الآن عشرات القمم والمؤتمرات العالمية والعربية فى مختلف المجالات، حيث ذاع صيتها بمسماها الجديد «مدينة السلام» حين استضافت فى 1996 مؤتمر صانعى السلام فى الشرق الأوسط فكان نقلة عابرة لهذه المدينة لتصبح الأيقونة والأشهر على الإطلاق.

وفيها عُقد المؤتمر العالمى لدعم وتنمية الاقتصاد المصرى فى 2015 وفى 2016 كانت على موعد مع الحدث الأبرز فى هذا العالم وهو انطلاق المؤتمرات الوطنية للشباب حين عُقدت نسخته الأولى فى نوفمبر من ذلك العام.

وبعدها بعام تحول إلى «منتدى شباب العالم» فأضحت المدينة منصة عالمية لكل شباب العالم تناقش أفكارهم وطموحاتهم وتصنع لهم مستقبلهم!

كُنت من المحظوظين الذين سنحت لهم الفرصة التردد على تلك المدينة ومتابعًا لمراحل تطورها وتأمينها حتى حجزت مقعدها فى قائمة أجمل مدن العالم، ما بين واجبات العمل والاسترخاء كانت زياراتى الممتدة عبر سنوات طويلة.

 إلا اليوم، هنا أكتب لكم من شرم الشيخ وكأنها ولدت من جديد، المدينة التى تستضيف الحدث العالمى الأبرز فى عام 2022 وهو مؤتمر المناخ COP 27 تستخرج اليوم شهادة ميلاد جديدة، لتكتب بنفسها ولنفسها تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا يليق بالجمهورية الجديدة. وتعبر عن قدرة الدولة المصرية الحديثة وإرادتها فى صنع المستحيل ومواكبة التطور العالمى.

يد العمران والتطوير التى طالت كل ربوع الوطن أبدعت هنا فى شرم الشيخ ووهبت لها روحًا جديدة وعمرًا مديدًا، أزالت غبار السنوات وما كان يبدو عليها من أفاعيل الزمن، فمسحت عنها التجاعيد لتضفى نضارة لافتة على وجه مدينة السلام.

 من كل الدنيا تستقبل شرم الشيخ كل الوفود، كل زعماء العالم بترتيبات أمنية وبروتوكولية تنوء بها الدول العظمى إلا أن الدولة المصرية بأجهزتها وعبر هذه البقعة الساحرة تقدم للعالم فخر الصناعة المصرية للمدن الصديقة للبيئة والمطورة كليًا فى بنيتها وإمكانيتها لتكون شرم الشيخ هى العنوان الأول فى كل وسائل الإعلام فى العالم أجمع لمدة تزيد على أسبوعين.

شرم الشيخ الآن هى بقعة نور على أرض الوطن قابلة للتكرار لتتزايد هذه البقع المضيئة على كامل خريطة مصر لنحظى بدولة حديثة تكون مِعبرًا ومُعبرًا عن فلسفة الجمهورية الجديدة.

اليوم إننا أمام تأسيس جديد لهذه المدينة التى تستحق أن تكون دُرة التاج السياحى فى العالم، فالاستثمار فيها والترويج لها هو غاية الدولة الهادفة لجذب مزيد من السائحين وتوفير فرص عمل للآلاف من المصريين.

أنظار العالم تتوجه إلى قادته هنا فى شرم الشيخ حيث يجتمعون رافعين من سقف طموحاتهم أن تتولى الدول الكبرى مسئولياتها نحو إنقاذ الحياة على الكوكب والتى أصبحت مهددة بسبب التغيرات المناخية الناتجة عن الثورات الصناعية التى قادتها الدول الكبرى وتدفع أثمانها شعوبنا وبلادنا دون ذنب اقترفناه.

 من مصر التى حملت على عاتقها مسئولية التحدث بلسان الدول النامية والفقيرة والأكثر تضررًا من الملوثات المناخية وما أعقبه من أزمات فى الطاقة والغذاء والمياه وغيرها من مناحى الحياة مطالبة الدول الكبرى بتحمل فاتورة ما اقترفوه هو حديثنا فى مقالنا القادم!