الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 طول البال وقصره

طول البال وقصره

لم يحدث فى أى وقت من الأوقات أن كان طول البال من الصفات المذمومة بل على العكس فإن الشخص الذى يتسم بهذه الصفة والتى تحتاج إلى الكثير من الصبر وهدوء الأعصاب يكون من الفائزين دائمًا، فلم يحدث أن أدى قصر البال وقلة الصبر إلى المزيد من الخسائر والندامة.



دعونا نستعرض بعض المواقف التى يتعرض لها قصير البال، فهو لا يستطيع أن يستمع إلى محاضرة طويلة أو يقرأ كتابًا ولا يشاهد فيلمًا أو يدخل فى نقاش ممتد, كما أنه لا يستطيع أن يصبر على تنفيذ أى نشاط أو خطة تحتاج إلى الكثير من الجهد والكثير من الوقت حتى تؤتى ثمارها، فهو لا يستطيع أن يزرع أشجارالمانجو لأنه لا يستطيع أن يصبر خمس سنوات بعد ذلك حتى يحصل على أول إنتاج لها، ولكنه يفضل زراعة اللفت والجرجير، حيث لا يحتاج الأمر إلى أكثر من ٣٠ يومًا حتى تكتمل ويبدأ فى عملية الحصاد.

هذا البال القصير هو سمة عصر السرعة وهو العصر الذى بدأ الحديث عنه ربما منذ بداية اختراع المركبات التى تجرها الخيول وصولًا إلى السيارات والطائرات النفاثة والصواريخ العابرة للقارات, ثم تطور الأمر بعد دخول عصر المعلومات وشبكاته الممتدة والسريعة وهو العصر الذى نعيشه - أو يعيش فينا- منذ بداية الألفية الثالثة على الأقل، مع تدفق الأخبار بسرعة مهولة وسرعة التواصل والمتابعة لما يحدث بين أطراف الأرض فى ثوان قليلة مع زيادة المحتوى وتغيره من حيث أسلوب العرض وميله إلى أن يكون أكثر قصرًا وأسرع فى التغير وأكثر دهشة وصدمة للمشاعر وللعقول، ومع زيادة جاذبية هذا المحتوى يصاب المتلقى بنوع خطير من الإدمان لهذا النمط وهو إدمان يؤثر على القدرات العقلية والنفسية والعصبية والسلوكية يجعل الفرد غير قادر على استيعاب الأمور العميقة أو الصبر طويلًا على قراءة كتاب مهم أو دراسة مادة فى المدرسة أو الجامعة أو الوصول إلى الاسترخاء المنشود بعد سماع مقطوعة موسيقية أو التجول فى معرض للفنون التشكيلية أو حتى القيام بأى من تدريبات الاسترخاء أو الصلاة بخشوع.

الحل ببساطة هو وضع جدول زمنى لتقليل استخدام شبكات التواصل الاجتماعى ربما يمتد هذا الجدول على مدار شهرين أو أكثر ليصل الاستخدام إلى ساعة واحدة يوميًا مقسمة على فترتين إحداهما صباحية وأخرى مسائية.

أما من يعتقد أن ثمة حل آخر للوصول إلى طول البال والهدوء المنشودين مع الاستمرار فى الاستخدام المحموم لتلك التطبيقات, فإننى أدعوه إلى عرض تلك المقترحات فورًا أو فليصمت إلى الأبد.