الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 كارثة الرهان الإلكترونى

كارثة الرهان الإلكترونى

منذ عدة أيام كنت فى زيارة لأحد الأصدقاء الأعزاء الذى أطلعنى على كارثة حقيقية اكتشفها من خلال متابعته لما يقوم به ابنه البالغ من العمر 20 عامًا، الموضوع ببساطة يتلخص فى وجود لعبة إلكترونية شهيرة تستغرق وقت الابن تمامًا، ليس لأنها لعبة شيقة هذا بالرغم من أنها تحتوى بداخلها على عدد كبير جدًا من الألعاب مثل كرة القدم واليد والسلة وألعاب القوى والتنس وسباقات السيارات وخلافه، ولكن لأنها قائمة على المقامرة الصريحة التى لا يوجد للمهارة أى تواجد على الإطلاق.



فمن المعروف أن المقامرة بصفة عامة تعتمد على التخمين أكثر من اعتمادها حتى على نظرية الاحتمالات مثل أغلب ألعاب الزهر والكوتشينة فى مقابل الألعاب التى تعتمد على المهارة فقط مثل لعبة الشطرنج، ولأن تلك اللعبة لا تعتمد إلا على التخمين والحظ فإن الفائز فى هذه اللعبة يمكن اعتباره مقامرًا خالصًا ويمكن اعتبار ما يتخذه من قرارات هى مقامرة صريحة وخالصة أيضًا.

اللعبة اسمها 1xBet وهى موجودة على منصات البرامج الخاصة بجميع أنواع التليفونات الذكية وتعتمد على الرهان والمقامرة بشكل صريح وهو ما يتضح من بيانات تلك الشركة التى تأسست عام 2007 وتم تسجيلها فى دولة قبرص وحصلت على ترخيص ألعاب القمار من جزيرة كوراساو فى جنوب البحر الكاريبى ولم تشهد نموًا ولا شهرة كبيرة إلا بعد رعايتها لعدد من الأندية الأوروبية فى عام 2019، الألعاب الموجودة متاحة بـ40 لغة كما أن اللعبة متاحة فى 134 دولة حول العالم وتبلغ أرباحها السنوية نحو 2 مليار دولار أى نحو 64 دولارًا فى الثانية الواحدة.

تم حظر هذه اللعبة فى المملكة المتحدة بعد ثبوت تورطها فى عدد من الأنشطة المشبوهة منها ترويجها لعدد من المواقع الإباحية الشهيرة والترويج لمراهنات الأطفال بالإضافة إلى الترويج لعدد كبير من المواقع غير القانونية، أما عن كيفية التسجيل فهى تتم من خلال رقم الهاتف ثم يقوم المستخدم بشحن محفظة اللعبة بما قيمته دولار واحد على الأقل وهو ما يتم من خلال خدمات نقل الأمور المختلفة مثل المحافظ الإلكترونية أو الشحن على الطاير أو من خلال بطاقات الائتمان والتحويل بين الحسابات البنكية أو باستخدام العملات المشفرة أيضًا، الطرق السابقة أغلبها يعمل من داخل مصر فاستعراض طرق الدفع الممكنة يوضح تواجد عدد كبير من الشركات والبنوك المحلية أيضًا.

الألعاب كلها تعتمد على التخمين فمنها على سبيل المثال توقع نتائج مباريات كأس العالم أو الدورى الأوروبى لكرة القدم أو ألعاب أخرى مثل انطلاق طائرة وتوقع الزمن الذى تنفجر عنده، بالطبع عندما يصح التوقع فإن القيمة المالية الموجودة تتضاعف ويمكن استبدالها بجنيهات مصرية، وفى حالة الخسارة-وهى الأغلب- فإن مستخدم تلك اللعبة ومع حالتى الإثارة والطمع اللذين ينتابانه فإنه يقوم بشحن المحفظة مرة أخرى لاستمرار اللعب.

يحكى لى صديقى وابنه كيف أن أحد الأطفال قد حصل على مبلغ 60 ألف جنيه بعد أن قام بممارسة اللعبة لعدة أيام وكيف أنه قد قام بشراء هاتف ذكى غالى الثمن و عدد من الملابس الرياضية والاكسسوارات.

المشكلة أن تلك اللعبة وغيرها من الألعاب التى على نفس الشاكلة ستحول الأطفال إلى مقامرين صغار وستستنزف الكثير من المال فمن المعروف أن المقامر يخسر غالبًا كما أن تلك المبالغ التى يخسرها الأطفال فى مصر ستتحول حتمًا إلى دولارات يتعين على الشركات والبنوك تحويلها من داخل البلاد إلى محفظة الشركة الأم وهى قضية تلقى بظلالها على أمر خطير ربما يحتاج إلى الانتباه أكثر من الإجراءات الخاصة بمنع أو تقنين استيراد السلع الاستهلاكية والكمالية.