الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بعين طبعه

بعين طبعه

«كل يرى الناس بعين طبعه» هى مقولة أو حكمة أو مثل عربى شهير وحقيقى ايضا، حيث توجد عدة روايات لبيان أصلها لعل من أشهرها وأكثرها اقترابا من الحقيقة ما يقال فى مرور ثلاثة رجال ليلا برجل يمسك فى يده فأسا ويقوم بالحفر على  أحد جوانب الطريق، فتحدث الرجل الاول قائلا: «لابد من أن هذا الرجل قد قتل شخصا ما ويحاول أن يوارى جثته الثرى فى جنح الليل كى لا يراه أحد»، بينما قال الثانى «لا... هذا الرجل لا تبدو على ملامحه سمات القاتل أو الشرير، لابد وأنه لا يأتمن أحدا على ممتلكاته الثمينة فهداه تفكيره إلى تخبئتها لذلك يقوم بالحفر»، فيما قال الثالث «فيما يبدو لا هذا ولا ذاك، هذا الرجل تظهر على وجهه علامات الصلاح والطيبة، أنه رجل صالح يحفر بئرا لكى يشرب منه المارة».



الفعل واحد ولكن أتت التفسيرات الثلاثة من داخل وجدان كل رجل من الرجال، فالأول حاد عنيف يفكر دائما فى الحلول الدموية وما بعدها ايضا، أما الرجل الثانى فيتسم بالمكر وفقدان الثقة فى الآخرين، أما الرجل الثالث فيحمل قلبه الكثير من الخير وحب المساعدة للآخرين»، المقولة تتسق تماما مع أبيات الشاعر اللبنانى الكبير إيليا أبو ماضى والتى يقول فيها: 

«أيّهذا الشّاكى وما بك داء

كيف تغدو إذا غدوت عليلا؟

إنّ شرّ الجناة فى الأرض نفس

تتوقّى، قبل الرّحيل، الرّحيلا

وترى الشّوك فى الورود، وتعمى

أن ترى فوقها النّدى إكليلا

هو عبء على الحياة ثقيل

من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا

والذى نفسه بغير جمال

لا يرى فى الوجود شيئا جميلا»

والتى يختتمها بخلاصة الحكمة  قائلا: «أيّهذا الشّاكى وما بك داء .... كن جميلا تر الوجود جميلا» وهذه الحكمة –أو النصحية فى الأبيات- تتسق تماما مع قواعد علم النفس والتنمية البشرية فالسعادة والرضا ينبعان من الداخل وتفسيرك لما يدور حولك هو نتاج ما تحسه وما مررت به من مواقف وخبرات.

ولا يقتصر الأمر على علاقتك بالأشياء المادية من حولك بل يتعدى ذلك إلى علاقتك بالله وكيف تشعر به وبما يقدره عليك من الأقدار، ولا أدل على ذلك من الحكمة الاولى التى اسر بها شمس التبريزى لمولانا الدين الرومى حين قال «إن الطريقة التى نرى فيها الله ما هى إلا انعكاس للطريقة التى نرى فيها أنفسنا، فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة فهذا يعنى أن قدرًا كبيرًا من الخوف والملامة يتدفق فى نفوسنا، أما إذا رأينا الله مفعمًا بالمحبة والرحمة فإننا نكون كذلك».