الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خبط بالعقل

خبط بالعقل

كلما شاهدت المشهد الشهير من مسرحية ريا وسكينة بين الرائعة شادية والنجم الكبير عبدالمنعم مدبولى والذى كان يقوم فيه بالطرق على باب الحجرة حيث بدأ بالطرق بصورة مزعجة ثم بطريقة لا تصدر أى صوت على الإطلاق ما دفعها إلى أن تقول له «خبط بالعقل» وهو ما دفعه إلى طرق الباب باستخدام رأسه وسط ضحكات الجمهور، كلما شاهدت هذا المشهد وما أثاره من ضحكات وكيف أننى عندما شاهدته لأول مرة لم أكن أتوقع أن هذا قد يحدث فى الحقيقة وكم كنت مخطئًا فى هذا الظن لم أكن أتخيل أن هذا قد يحدث فى الواقع على الإطلاق.



والحقيقة أن البعض يفعل ذلك بالفعل، فعلى سبيل المثال رأيت أحدهم يقوم بتقطيع تورتة عيد الميلاد إلى ثلاثة أقسام فقط، ببساطة لأن الحضور كان عددهم ثلاثة، أو أن يقوم أحدهم بمحاولة نفخ الهواء فى اتجاه شخص آخر لأنه سمع أنه «من نفخة يطير».

المثالان السابقان ليسا من الخيال، هذا حدث بالفعل، ربما لأن الشخص المتلقى لا يعرف أسلوب المبالغة أو لم يسمع بهذه المصطلحات من قبل، أو أنه يصدق كل ما يقال له وينفذه حرفيًا بغض النظر عن مدى معقولية ما قيل.

حاولت أن أتفهم لماذا يقوم البعض بتنفيذ ما يقال لهم حرفيًا وأعتقد أن الأسباب قد ترجع إلى التربية والتنشئة فى مرحلة الطفولة أو الخوف من الملامة فى حال عدم تنفيذ الأمر بحذافيره أو لغياب التقدير الشخصى للأمر وعدم القدرة على التعرف على ما وراء الكلمات من معانى ودلالات مستترة.

يعتقد البعض خاصة المديرين المتسلطين أن أفضل مرؤوسين هم من يقومون بتنفيذ ما يطلب منهم بدون تفكير أو تقدير أو إضافة وبالطبع بدون اقتراحات إضافية، فهم يعتقدون بأن رأيهم هو الرأى الوحيد السديد وأن على المرؤوسين التنفيذ بدون أى إعمال للعقل ولكن الحقيقة أن هذا الأسلوب مرهق للمدير نفسه بل يحمله على ضرورة التأكد بنفسه من نتائج كل نشاط يقوم به المرء كما أن هذا الأسلوب يقتل روح الإبداع لديهم ويحولهم إلى كائنات ميكانيكية تنفذ ما يطلب منهم مهما كان غامضًا أو غير صحيح.

ولا أنفى أن هذا الأسلوب لا يحقق النتائج المرجوة بسلاسة بل يزيد الأعباء و يقلل من كفاءة العمليات الإدارية و يزيد الخسائر والزمن المطلوب للتنفيذ كما أن المرؤوسين فى هذه الحالة لا يتطورون ولا يتعلمون أى أمر جديد ولكن هذه المشكلة الجلية قد تستمر لأن المدير لا يريد أى أسلوب آخر مناسب للإدارة وعليه فإن المحصلة تكون ضارة لكل الأطراف لو كانوا يعلمون.