الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوم من عمره (2)

يوم من عمره (2)

بالرغم من أننى متواجد معهم طوال الوقت، إلا أننى فوجئت بقرارهما، لا أدرى كيف ولا متى حدث هذا، ربما تحدثا إلى أبيهم، وربما تحدث أبوهما إليهما، لا أدرى على وجه التحديد، يبدو أننى يجب أن أكون أكثر تركيزًا وانتباهًا، وعلى أية حال فأنا منذ أن استمعت إلى حوارهما معًا ومع أبيهم وبالرغم من شعورى بالإخفاق فى منع حدوث تلك الأحاديث أصلًا، إلا أننى بدأت فى العمل فورًا، تحدثت مع الآخر الأكبر ناصحًا ومحاولًا أثناءه عن قراره، ذكرته بما حدث لأبيه وكيف أصبح فى هذا المكان المُقفر الموحش، أليس هذا من فعل من يحاول التقرب إليه الآن، استمررت فى محاولات النصح كثيرًا، وجدت منه ميلًا وإقناعًا جزئيًا بما أقول.



انتقلت بسرعة إلى الأخ الأصغر، كنت أخشى أن يقوم بالعمل الذى وعد أبوه به، كررت على مسامعه ما قلته لأخيه الأكبر ولكننى وجدت مقاومة كبيرة منه، إحساس بالندم والرغبة فى التطهر والقرب بأى صورة، لم يثنينى هذا عن الاستمرار فى المحاولة معه، تركته بعد أن شعرت بالإنهاك، لم يمنعنى الشعور بالضجر من العودة إلى أخيه الأكبر مكررًا نفس الكلام عليه مع بعض من الإضافات التى شملت الكثير من التنفير مما عزم على القيام به مع محاولات للإلهاء بمغريات أخرى.

بعد فترة وجدتهما يتحركان، استمررت فى محاولات النصح، تنقلت بين الأخ الأكبر والأخ الأصغر بسرعة البرق مكررًا ما قلت من قبل بصيغ أخرى وبمنطق معسول، وجدت الأخ الأكبر يتجه إلى بعض الأشجار القبيبة الموجودة بالمكان، يقطف بعضًا من ثمارها ويضعها فى كومة صغيرة بجواره، لم أدرٍ ما يحاول أن يفعل على وجه التحديد، انتقلت إلى الابن الأصغر، وجدته قد ذهب إلى حيث توجد قطعان الأغنام التى يقوم عليها، وجدته ينتقى منها الأكبر والأكثر صحة وامتلاءً ثم يقوم بسحبها إلى جوار كومة الثمار الهزيلة التى جمعها أخوه من قبل، جثى الأخوان على ركبتيهما وتمتما بكلمات لم اتبينها، ما هى إلا لحظات قليلة إلا ووجدت نارًا تنزل من السماء فى اتجاه الأرض، اقتربت النار من الأغنام ولم تقترب من الثمار وما هى إلا لحظات حتى عاد إلى السماء صفاؤها وإلى الأرض هدوؤها ولكن مع فارق بسيط هواختفاء الأغنام تمامًا وبقاء الثمار كما هى.

توجهت إلى الأخ الأكبر الذى وجدته فى حالة من الغضب استطعت من خلالها أن أزيد من حنقه على أخيه،قلت له من ضمن ما قلت: إن أخاه الأكبر من المقبولين وأنه ليس كذلك، ثم نصحته بالتخلص من أخيه تمامًا، يكفى أن يضربه بحجر على رأسه لإنهاء الأمر برمته، ما هى إلا لحظات حتى كان أخوه قد فارق الحياة وهنا بدأت فى إلقاء اللوم عليه وإشعاره بعظم ما فعل، وجدت الحيرة فى عينيه والقلق يملأ قلبه لا يعرف ماذا يفعل بجثة أخيه، بعد فترة طويلة وجدت غرابًا لعينًا يقوم بدفن غراب آخر وهو ما أعطى للأخ الأكبر الحل لإخفاء جريمته تمامًا، قام بهذا الأمر على عجل، لم أتوقف عن الحديث معه بوجوب ترك هذه البقعة من الأرض والهرب إلى مكان بعيد، مازلت أتحدث إلى ذريته حتى النهاية. من خواطر إبليس.