الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مِرَاءً ظَاهِرًا

مِرَاءً ظَاهِرًا

فى الآية الثانية والعشرين من سورة الكهف يخبر المولى عز وجل عن حالة الاختلاف فى تحديد أعداد شباب أهل الكهف والجدل الدائر حوله كما يلى ﴿َيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ وهذا الاختلاف فى الأعداد هل كانوا ثلاثة أم خمسة أم سبعة، ثم يخبر عن أن العدد الحقيقى لا يعلمه إلا قليل من الناس ويأمر بعدم السؤال أو الاستفهام عن العدد الحقيقى وألا نجادل إلا جدالًا ظاهرًا أى بظاهر ما جاء فى الآية، أو أن يكون الجدل مبنيًا على العلم والمعرفة واليقين كما أنه يجب أن يكون فى الأمور المهمة والتى تتحقق الفائدة من الحديث فيها ومن النقاش حولها، أى يجب ألا يكون الجدل هو أسلوب الحياة عمومًا بغض النظر عن أهمية الموضوع من عدمه، وفى هذه الحالة يتضح لنا أن الأعداد الحقيقية ليست ذات أهمية كما أن أسماء هؤلاء الفتية وأيضا اسم الكلب الذى صاحبهم هى أمور غير مهمة على الإطلاق، فالحكمة والعظة والعبرة لن تزداد ولن تترسخ بإضافة تلك المعلومات.



الإشكالية الحالية والتى نراها ونلمسها فى كل لحظة من خلال متابعة تفاعل مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى فيما يضعونه من منشورات وما يطرحونه من نقاشات ومجادلات يوضح الأمر تمامًا،فهى ببساطة تخالف أمر الله فى الآية حين يقول :«فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا»، فأغلبنا يتحدث بغير علم لا ظاهر ولا حقيقى، والكثير منا يسأل من هم ليسوا أهلًا للسؤال سواء أكانوا أفرادًا-مستخدمين آخرين- أو صفحات ومواقع غير موثقة وغير مضمونة أو ذات سمعة جيدة وهو ما أحدث ظاهرة انتشار الأخبار المغلوطة والكاذبة وغير الحقيقية Fake News.

أعرف أنها مشكلة عالمية يعانى منها المستخدمون فى كافة دول العالم وعلى اختلاف ثقافاتهم ومستويات تعليمهم وإدراكهم، وبالرغم من المحاولات الحثيثة للحد من انتشار تلك الظاهرة إلا أنها ما تزال قائمة ولا أضيف جديدًا إن قلت: إنها آخذة فى الازدياد، ومع الكثير من الشكوى والامتعاض من تلك الأخبار وتأثيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأيضا النفسية على الأمم والمجتمعات والأسر والأفراد، إلا أننا لا نأخذ أى خطوات على المستوى الشخصى والفردى للحد من انتشار تلك المهازل على الإطلاق، الأمر الأكثر إثارة للدهشة أن بعض الأخبار الحقيقية التى سيكون لها تأثير سلبى حقيقى لا نعاملها معاملة الأخبار المغلوطة و الدليل على هذا عدم انتشار الخبر الحقيقى الذى يشير إلى توقيع الرئيس الأمريكى على قانون يبيح الزواج بين البشر على أساس الحب، وهى عبارة مهذبة تحمل فى طياتها السماح بالزواج بين الأفراد من نفس النوع-المثليين-وهى التى اعتبرها مقدمة لإقرار المزيد من دول العالم لهذا الفعل، عدم الانتشار لهذا الخبر الصحيح يدق ناقوس خطر لأسلوبنا فى استخدام تلك التطبيقات الخطيرة.