الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رؤوس فى الرمال

رؤوس فى الرمال

تعلمنا قديمًا أن النعام يدفن رأسه فى الرمال عند الشعور بالخطر وهى معلومة لم نستطع الاقتناع بها فى حينه ولكن لم يكن علينا إلا التصديق والتكرار، هكذا كان الحال فى الكثير من المعلومات التى تلقيناها من الكبار فى زمن لم يكن لدينا مصادر معرفة كافية للتحقق أو للتأكيد مثلما هو الحال اليوم فى عصر المعلومات، والحقيقة أن النعام يقوم لهذا الفعل لثلاثة أسباب فقط أولها: البحث عن الماء وثانيها: للاطمئنان على البيض الذى تقوم بوضعه فى حفرة من أجل الحماية وتوفير جو مناسب لاكتمال النمو وخروج الصغار، أما السبب الثالث فهو بالفعل مرتبط بالخطر حيث تقوم بذلك ليس بغرض الهروب ولكن بغرض الاستماع إلى ذبذبات توضح مصدر الخطر واتجاهه ومن ثم تقوم بالهرب فى أى اتجاه آخر بعيد وذلك تعويضًا عن ضعف الإبصار ومحدودية مداه.



من الأمور التى ندفن فيها رءوسنا فى الرمال وهنا لا أعنى رؤوس أفراد دولة بعينها ولكن الحديث بصفة عامة عن كل البشر فى كافة بقاع الأرض وهو الحديث الخاص بالإباحية والشذوذ الجنسى بعض من ممارساته وصولًا إلى زواج المثليين وإقراره وهو دفن تختلف درجاته من منطقة لأخرى، يكفى أن نعرف أن الإحصائيات تشير إلى أن الشذوذ الجنسى يصل فى المتوسط إلى حوالى 3% من إجمالى عدد السكان-بالطبع توجد مناطق يرتفع فيها هذا الرقم ليصل إلى 5% فى حين يتضاءل إلى 1% أو أقل فى مناطق أخرى-ولكن هذا المتوسط العام وبتطبيقه على عدد سكان الأرض الذى وصل إلى 8 مليارات إنسان فإن الرقم يشكل حوالى 240 مليون فرد والحقيقة أن الأمر أكثر تعقيدا من التبسيط السابق فالسلوك الجنسى ليس بهذا الوضوح والبساطة حيث يشمل أيضًا درجات من الميول النسبى المرتبط بالفعل أو غير المرتبط كما يشمل أنماطًا متعددة أخرى لا أجد أنه من المقبول أن أقوم بتوضيحها لك عزيزى القارئ، ولكن يمكن اختصارًا وصفها بأنها «انحرافات جنسية متعددة».

هذا الأمر يشمل أيضًا العديد من الحملات والمحاولات للاعتراف والتعريف بتلك الأنماط بصور متعددة وصولًا إلى محاولة إقحامها داخل بعض الألعاب الإلكترونية البريئة التى يدمن على لعبها الأطفال، يشمل الأمر أيضًا إحصائيات مرعبة عن أنشطة الدعارة والمواد والمواقع الإباحية التى تشكل حوالى 4% من إجمالى المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت فى صناعة تتجاوز قيمتها السوقية حاجز الـ 100 مليار دولار هذا العام.

قضية هامة وكبيرة وشائكة وتتزايد خطورتها ومساحتها وأرقامها عامًا بعد عام وهو وبالرغم من الجهود المبذولة لمكافحتها إلا أنها لا تزال أقل بكثير مما يجب، ويجعل دفن الرؤوس فى الرمال مشابهًا للسبب غير الصحيح الذى كنا نعرفه عن النعام.