الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التفكير يدمر الصحة ويسبب الوفاة

التفكير يدمر الصحة ويسبب الوفاة

على غرار الجملة الشهيرة التى نراها مكتوبة على علب السجائر «التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة» وهى الجملة التى أحيانا ما تكون مقرونة بصورة بشعة لحنجرة مصابة بالسرطان والتى لا أعتقد أنها قد ردعت أحدا وجعلته يتراجع عن التدخين، ولكنها كما نعلم هى أحد الاشتراطات المرتبطة بحقوق المستهلك، أن يتم الاعلان والاشارة إلى اى مخاطر محتملة جراء استخدام اى منتج، تماما مثلما نجد تحذيرات على العلب الخاصة بلعب الاطفال أنها غير مناسبة لمن هم دون الثالثة أو أن اللعبة تحتوى على قطع صغيرة خطيرة فى حالة أن يضعها الطفل فى فمه وقد تسبب الاختناق أو الوفاة، ولكن المقال اليوم يتحدث عن التفكير وإثارة السلبية.



بالطبع لا أقصد التفكير الإيجابى أو المنضبط من أجل التخطيط لأداء أمر ما أو لتحليل موقف مضى من أجل استخلاص العبرة والتعلم ولكن المقصود هنا التفكير المحموم الزائد على الحد Overthinking والذى يجعل صاحبه يستمر فى الدوران فى حلقات مفرغة لا يصل منها إلى أى نتيجة إلا الإصابة بالإجهاد النفسى والذهنى وربما البدنى أيضا.

وهذا النوع من التفكير هو السمة الرئيسية لمن هم مصابون بالقلق، فالقلق هو انزعاج يحاول صاحبه أن يتخلص من تلك الحالة من خلال التفكير ولكن للأسف لا يصل به التفكير إلى أى وجهة بل يستمر فى الدوران فى تلك الحلقات بلا نهاية، أتذكر مقطعا من كتاب «دع القلق وابدأ الحياة» لمؤلفه ديل كارنيجى يتحدث فيه عن وباء أصاب مدينة نيويورك وكيف أن الجميع بما فيهم وسائل الاعلام تحدثت ونبهت وحذرت من هذا الوباء الذى قتل أعدادا قليلة وكيف أنه تعجب من ذلك مقارنة بالقلق الذى يقتل أعدادا أكبر بكثير وذلك جراء الانعكاسات السلوكية والصحية الناجمة عنه.

أمر مشابه لمسناه جميعا خلال السنتين الماضيتين منذ بدء وباء كورونا والذى أدى إلى وفاة 6.67 مليون شخص من أصل 654 مليون مصاب فى عالم وصل عدد سكانه إلى 8 مليارات، أى أن الوفيات لا تمثل إلا حوالى 1% من إجمالى الإصابات ولا تمثل إلا 08.% من إجمالى عدد السكان أى حوالى 8 فى كل 10 آلاف.

أما عن تأثيرات القلق عن الجسم فإنها تتنوع بين زيادة فى ضربات القلب أو آلام فى الصدر أو تساقط للشعر أو الشعور بالإجهاد أو الصداع أو آلام الجهاز الهضمى والقولون أو اضطرابات النوم أو عدد من تلك الأعراض مجتمعين، كما أنه قد يتطور إلى الإصابة بالاكتئاب كما أن تأثيره على درجة التركيز والذاكرة يسببان مشكلات فى التحصيل الدراسى والعمل والتى تغيب الطالب والموظف كثيرا وهو ما يؤثر على الاقتصاد حيث تشير التقديرات إلى أن الخسارة الناجمة عن القلق والاكتئاب قد تتعدى التريليون دولار سنويا على مستوى العالم كله.

أما عن الموت فإن إحدى الدراسات تشير إلى أن 60% من المصابين بالقلق يموتون نتيجة أسباب مرتبطة بهذا المرض، وإذا كانت نسبة المصابين بهذا المرض حول العالم تصل إلى 3.6% من إجمالى عدد السكان طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، وبمحاولة دمج الرقمين السابقين يمكن القول إن 2.16% من السكان يموتون بسبب القلق وزيادة التفكير وهى نسبة أكبر بكثير من تلك الخاصة بوفيات كوفيد19.