الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصورة السلبية

الصورة السلبية

ليس المقصود هنا الصورة أوالانطباع الذى نأخذه عن بعض الأشخاص نتيجة سلوكياتهم السيئة أوالأخبار المتداولة عنهم وهى أول ما يخطر بالذهن عندما نسمع تلك العبارة، ففى هذا العصر الرقمى انتشرت تعبيرات كثيرة عن السلبية مثل وصف شخص ما بأنه شخص سلبى أوأنه يشع طاقة سلبية أوأن شخصًا آخر يعانى نتيجة الأفكار السلبية التى تدور فى رأسه طوال الوقت، فكل تلك التعبيرات مرتبطة بالإنسان ومعتقداته وأفكاره وسلوكه وهى أحد أفرع علوم الصحة النفسية وعلم النفس وأساليب التنمية البشرية.



أما فى الماضى قبل انتشار وتغلغل الرقمنة فى كل مناحى الحياة فإن تعبير «الصورة السلبية» كان مرتبطًا أكثر بالتصوير الفوتوغرافى التقليدى أى قبل ظهور الكاميرات الديجيتال سواء المنفصلة أو المدمجة داخل الهواتف الذكية، ففى هذا العصر السعيد لم يكن الحصول على صورة فوتوغرافية بالسهولة والسرعة والدقة والوضوح المتاحين حاليًا، فمن كان يرغب فى ذلك كان أمامه حلًا من اثنين، إما أن يذهب إلى أحد استوديوهات التصوير، أو إلى مصور متجول-على الشواطئ والمتنزهات والكازينوهات والحفلات- وذلك لكى يقوم بالتقاط الصور المطلوبة ثم يحدث أن يتم الانتظار لعدة أيام حتى يتم استلام تلك الصور، أما الطريقة الأخرى فتتم عبر اقتناء كاميرا متخصصة حيث يتم بعد ذلك شراء فيلم خام (24 أو36 صورة)، يتم تركيبه بحذر داخل الكاميرا ثم يتم التقاط الصور بالعدد المخصص وبعد الانتهاء يتم الذهاب إلى أحد معامل التحميض ليتم تظهير الفيلم من خلال وضعه فى عدد من السوائل الكيميائية فى غرفة مظلمة أو بها إضاءة حمراء خافتة لمدة زمنية يتم بعدها وضع الفيلم فى إناء به ماء للغسل والتنظيف ومن يكون الناتج المتحصل هوما يطلق عليه «صورة سلبية» أو Negative أو «عفريته» باللغة الدارجة.

هذه الصورة السلبية يمكن من خلالها وباستخدام أدوات أخرى الحصول على صور مطبوعة تحاكى الواقع تمامًا وذلك من خلال الذهاب مرة أخرى إلى معمل التحميض للحصول عليها، أتذكر العديد من الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية التى كانت تدور حول مطاردات بين عصابة من الأشرار وبين بطل الفيلم من أجل الحصول على نسخة الصور الموجودة والتى لم تكن كافية فى أغلب الأحوال فيحدث أن تزداد المطاردات للحصول على الصورة السلبية أوالنيجاتيف، وهى عملية تم نسفها تمامًا بعد الدخول فى عصر التصوير الرقمى وأتصور مشاهدة أحد الصغار لفيلم من هذه النوعية وأتخيل معاناته فى التعرف على سبب المطاردة ولماذا تحتدم وما هى الصورة السلبية التى يسعى الجميع خلفها.