الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نزلة الزمالك

نزلة الزمالك

يعرف جيدا القادم من مناطق العجوزة والدقى من خلال كوبرى 6 أكتوبر فى اتجاه التحرير تلك «النزلة» المتجهة إلى حى الزمالك، هذه النزلة أو هذا الدوران على شكل دائرة تقريبا، أتخيل أن المهندس الذى قام بتصميم الكوبرى قد استعان بفرجار- برجل - لتصميمه ولم يستغرق الأمر منه أكثر من عشر ثوان.



لى مع هذا الدوران ذكريات كثيرة عبر عشرات السنين تتمثل فى وجود أعداد كبيرة من المتسولين يتغيرون من وقت لآخر، ما بين المتسول النصاب المبدع أو التقليدى الذى كنت أجده يجلس على الرصيف يبكى وأمامه عدد من القلل الفخار المكسورة أو عدد من كراتين البيض الممشش المكسور أيضا، بالطبع هو يستجدى عطف الناس لتهدئة سرعة السيارة ومحاولة إجارته فى مصيبته المصطنعة، أو أن يكون التسول بسيطا أو مجرد يد ممدودة مع نظرة بؤس ودعوات محفوظة قد تتحول إلى لعنات فى حالة عدم الحصول على المعلوم.

منذ عدة أيام قمت باستعمال تلك النزلة للتوجه إلى حى الزمالك فوجدت شخصين بجانب الرصيف تفصل بينهما مسافة لا تزيد على ثلاثة أمتار - على محيط الدائرة - مع نفس النظرة ونفس الأيدى الممدودة ولكن بدون أرجل على الإطلاق، لم تكن الإعاقة هى قطع فى الأرجل «من تحت الركبة» بما يسمح لهما بتركيب أطراف صناعية واستئناف الحياة الرغدة فى عالم مواز ولكن هذه المرة لم تكن الأرجل موجودة على الإطلاق.

بعد أن تخطيت الرجلين وجدتنى أبتسم ابتسامة اقتصادية بحتة، فهؤلاء الرجال يعرفون ماذا يفعلون تماما والأهم من ذلك أنهم يعرفون أين يقومون بفعل الشحاتة أو بعبارة أخرى «مهنة التسول»، فحى الزمالك من الأحياء الراقية ذات المستوى الاقتصادى المرتفع ولذلك فإن الصيد ثمين، ذكرنى ذلك أيضا ببعض الحيل الأخرى مثل التسول أمام محطات القطار أو المترو أو أمام مراقد أولياء الله الصالحين أو بيع مناديل رديئة فى إشارات المرور.

لم تخل الطرق السريعة أيضا من وجود فرصة ذهبية أيضا فى مناطق الاختناقات المرورية أو حول مطب صناعى يجبر السيارات على تخفيض السرعة.

تعجبت من وجود هذا الحس الاقتصادى الذى يعرف الفرصة ويعرف كيف يستغلها وذلك بدون الحصول على شهادات فى علوم الاقتصاد والتسويق والمبيعات، يبدو أن هذا الحس هو إحدى طبائع الإنسان منذ أن هبط من الجنة وسيستمر معه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.