الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القفص الرقمى

القفص الرقمى

مع بدايات عام 2023 نجد أن درجة الاعتمادية على تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات تزداد بصورة غير مسبوقة، وهذه الزيادة ربما لا نشعر بها أو لا نحس بآثارها الإيجابية أو السلبية لأنها ببساطة تغلغلت ببطء ودون أن نشعر تقريبًا، وللتدليل على هذا الأمر يمكن لنا ببساطة مقارنة هذا التشابك بما كنا عليه قبل عشر سنوات أو عشرين عامًا.



فاليوم نجد أن جزءًا كبيرًا من العمل يتم من خلال تطبيقات وبرمجيات بعضها يعمل داخل المؤسسات والشركات بصورة معزولة عن شبكة الإنترنت لدواعى التأمين والبعض الآخر متصل بشبكة الإنترنت اتصالا جزئيا أو كليًا وهو ما يسمح باستمرار أداء الأعمال أو جزء منها عبر الهواتف الذكية والحواسب الآلية فى أى مكان وفى أى توقيت، فمن كان يتخيل أن يقوم باجتماع خاص بالعمل يبدأ فى تمام التاسعة مساءً ويكون أحد أطراف الاجتماع متدثر بردائه مستلقى فى فراشه بينما طرف آخر يقود سيارته فى طريق سريع بينما تقوم سيدة ما بإرضاع صغيرها أثناء الاجتماع أيضا، أو أن تكون الشركة افتراضية بالكامل لا يوجد لها مقر حقيقى ويكون العاملون بها منتشرين فى شتى بقاع الأرض وربما يتزاملون لسنوات من دون أن يلتقوا فى الواقع على الإطلاق.

التعليم والتعلم أيضا لم يكن بعيدًا عن استخدام تلك التقنيات فى محاضرات الدرس الافتراضية فى شرح المواد الدراسية المختلفة أو فى الاستذكار، ويمتد الأمر أيضا إلى المجالات الثقافية المختلفة حيث يتمكن المهتمون بهذا الفرع من الاستماع إلى مقطوعة موسيقية أو حضور حفل أوبرالى أو التجول فى معرض افتراضى لأحد الفنانين التشكيليين أو قراءة كتاب رقمى أو الاستماع إليه أو مشاهدة مقطع فيديو قصير يلخص أهم ما جاء به.

المجال الصحى أيضا نجد به الأعاجيب بداية من تلقى نتائج التحاليل الطبية عبر البريد الالكترونى أو أحد تطبيقات التراسل المعروفة وصولًا إلى إمكانية قيام عدد من الأطباء بعمل كونصولتو لتشخيص حالة مريض و يكون كل طرف من الأطراف فى دولة مختلفة أو تتم عملية جراحية بالتشارك بين الروبوت و عدد من الجراحين متواجدين فى حجرة العمليات أو افتراضيا عبر الشبكات.

تلقى الخدمات المختلفة سواء الحكومية أو المرتبطة بالقطاع الخاص تتم حاليًا عن بعد وتتم عمليات الدفع للرسوم بصورة رقمية عبر المحافظ الالكترونية أو أى وسيلة من وسائل الدفع غير النقدى الأخرى المعروفة، كما يمكن التواصل و إبداء الرأى فى القضايا العامة و الخاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة بدون أن يخطو صاحبها خطوة واحدة خارج حجرة نومه.

ولكن للأسف لهذا التغير آثار سلبية، فهذا القفص الرقمى الذى دخلناه بإرادتنا ولا يبدو أو يلوح فى الأفق باب للخروج منه قد افقدنا متع الحياة الحقيقية الواقعية بصورة كبيرة مهما حاولنا المقاومة أو التقنين.