الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عفريت مراتى

عفريت مراتى

لا يمكن أن ننسى مدى البهجة التى تعترينا عند مشاهدة فيلم «عفريت مراتى» بطولة النجوم شادية وصلاح ذوالفقار وعادل إمام وعماد حمدى ونخبة أخرى من الكبار والفيلم وبالرغم من مرور 54 عاما على عرضه فى أكتوبر 1968 إلا أننا لا نمل من مشاهدته والتندر ببعض إفيهاته الشهيرة.



القصة باختصار تدور حول الزوج «صالح» المنشغل دوما بالعمل أو بلعب الشطرنج مما يدفع زوجته «عادية» إلى مشاهدة الأفلام السينمائية التى تعرضها دار سينما مقابلة لمنزل الزوجية ثم تقوم بتقمص الشخصيات النسائية بها فتارة تتحول إلى غادة الكاميليا وتارة أخرى تتحول إلى ريا أو تتحول إلى غانية بعد مشاهدة فيلم إيرما الغانية Irma la Douce وهوما يصيب الزوج بانزعاج شديد لايجد معه إلا أن يتبع نصيحة صديقه «رائف» بأن يقوم ببعض الإثارة من خلال إقناع زوجته أنه زعيم لعصابة كبيرة وأن اسمه الحقيقى هو «حواش حنكورة» ويبدأ فى التخطيط لسرقة أحد البنوك مما يصرف نظر الزوجة عن الاهتمام بالأفلام وربما يؤدى إلى شفائها فى النهاية وهوما حدث بالفعل مع بعض المفاجآت الأخرى.

تذكرت أحداث هذا العمل الفنى وأنا أطالع بعض الدراسات الراصدة للتأثيرات السلبية للانغماس فى شبكات التواصل الاجتماعى وهى كثيرة ومتعددة فبالإضافة إلى التوحد والتباعد الاجتماعى الذى تحدث لمستخدميها فإنها بالفعل أحد أسباب الطلاق وهدم الأسر، تعرضت لذلك فى مقالات سابقة عارضا دراسة إحصائية متخصصة للأخ العزيز الدكتور حسين حسنى حصل بها على جائزة الدولة التشجيعية عام 2022.

والحقيقة أن الانغماس فى تلك الشبكات يعتبر أكثر خطورة من مجرد التأثر أو الاندماج نتيجة مشاهدة فيلم أوعمل درامى فالأمر هنا تفاعلى ثنائى الاتجاه، فتجد الكثير من المدعين للشرف أو التدين أو الأخلاق أو لمستوى اجتماعى أو اقتصادى مخالف للواقع ويكون ذلك نتيجة التأثر بما يشاهدونه على تلك الشبكات فيرسخ ويقبع فى العقل الباطن دون المرور على المنطق وبدون تفكير، والأمر هنا لا يمس الزوجة فقط كما جاء بالفيلم بل إن الجميع معرض لذلك، الزوج والزوجة والأبناء، فالجميع يشاهد تلك الأكاذيب ويتأثر بها على الاقل تأثرا نفسيا، ربما يدفع البعض إلى خانة الفعل فيما يتوقف البعض الآخر عند مرحلة التأثر النفسى والمعاناة، هذا بالإضافة إلى رفع سقف التوقعات وتلويث الوجدان بالكثير من الأخبار الصادمة أو المشاهد المؤذية بالإضافة إلى كم الزيف اللامحدود والذى يجعل المستخدم يعيش داخل فقاعة رقمية افتراضية وينفصل عن الواقع الحقيقى تماما ويستمر كذلك حتى يدركه الموت وهو يتصور أنه صالح أو مهم أو مظلوم أو عميق أو خفيف الظل.