الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإنسان المنشود المفقود

الإنسان المنشود المفقود

فى هذا العصر المتشابك والذى نطلق عليه اختصارا عصر المعلومات أو عصر الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها، نجد أن الأمر قد ازداد صعوبة على إنسان هذا العصر مقارنة بعصر السماوات المفتوحة وما قبلها من وسائل إعلام واتصال قديمة كالتلفاز والمذياع وحتى فى عصور سهولة الاتصال والانتقال وصولا إلى ثورة اختراع آلة الطباعة.



تأتى الصعوبة للإنسان المعاصر خاصة فى مصر والشرق بصفة عامة من وجود سهولة شديدة للاطلاع على ثقافات الغرب وفى الوقت نفسه سهولة الغوص فى التراث المحلى السابق أيضا، وهو ما ساهم فى وجود ثلاث مجموعات من البشر، الأولى هى المجموعة التى اتخذت التراث السابق دستورا لها لا يقبل التعديل أو التغيير وترفض أى مساس بأى حرف منه على الإطلاق، ولا أقول هذا فى مجال دون غيره، فالأمر ممتد بين جميع العلوم وصولا إلى علوم الفقة ويمتد أيضا إلى العادات والتقاليد والقواعد الراسخة فى علوم الاقتصاد والسياسة وغيرها.

أما المجموعة الثانية فهى المجموعة المغرمة والمنبهرة بكل ما هو غربى، رافضة تماما لأى مما جاء فى تراثنا وتاريخنا مهما كان صحيحا، ولا تتوقف عند مجرد الإيمان الكامل بذلك بل تتعداه إلى مناصبة الفريق الأول كامل العداء فى حرب مستمرة لا يبدو أنها ستنتهى.

أما المجموعة الثالثة فهى التى أخذت المسار الأصعب، مسار محاولة الجمع بين التاريخ و بين الغرب مع محاولة إعمال العقل ومحاولة تقدير الأمور طبقا للمستجدات التى تدور حولهم وتعرضون لها ليس كل يوم بل كل ثانية بلا أدنى مبالغة، هذا المسار الأصعب يأتى نتيجة تعنت وتصلب كلا الفريقين السابق الإشارة إليهما كما تأتى من محاولة تمرير كل شىء على دوائر ومحددات العقل والمنطق والدين والطبيعة البشرية والتوقعات المستقبلية لما ستؤول إليه الأمور وذلك لمحاولة الخروج بصيغة توافقية تحقق للإنسان إمكانية الحياة السليمة، وما بعد الحياة أيضا.

الأخطر من ذلك من يسىء استخدام تلك الدوائر فينتج عن تلك الإساءة التحول إلى مسوخ فاقدة للهوية والقيمة والفائدة لهم ولمجتمعاتهم وهو ما نراه للأسف متحققًا فى الكثير من الحالات.