الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوم من عمره (6)

يوم من عمره (6)

الساعة الآن تقترب من السادسة صباحًا، أشعر بالامتلاء وبتمام الطاقة، منذ سويعات قليلة كادت طاقتى أن تنفد لولا هذه الغفوة التى استعدت فيها كامل قدراتى، ثلاث دقائق ويحين الموعد، دقيقتان... دقيقة...حان الميعاد وانطلقت الأصوات إيذانًا بيوم جديد، توقفت الأصوات فجأة ثم عادت بعد خمس دقائق، تكرر هذا الأمر عدة مرات حتى وصلنا إلى السادسة والنصف.



فى هذا التوقيت من كل يوم تتداعى رسائل الصباح المبشرة بيوم جديد مع تمنيات بأن يكون مختلفًا، يوم الجمعة يكون مختلفًا نوعًا ما، فلا تأتى تلك الرسائل قبل السابعة والنصف، أغلبها يحمل أمنية بأن تكون الجمعة مباركة، لا يتوقف الأمر عند هذا فقط، العديد من الرسائل المتنوعة والتى تحمل بعضها ملفات عمل غاية فى الخطورة والسرية أيضًا، لا يتوقف الأمر عند الرسائل الصامتة، ترتفع أيضا العديد من الأصوات بالآيات القرانية والأدعية والأغنيات أيضًا.

الفكاهة تشغل حيزًا كبيرًا من هذا الهرج الصباحى أيضًا، لا أتوقع اتصالات تليفونية قبل التاسعة صباحًا، رغمًا عنى استمع إلى كل ما يدور، مجاملات صادقة وكاذبة والكثير من النفاق أيضا، تحمل تلك المكالمات العديد من الطلبات والشكاوى والقليل مما يمكن أن يبعث فى النفس السرور والتفاؤل، لا أدرى لماذا وصل الأمر إلى هذا الحد من الشكوى والاعتراض، أتذكر الأيام الخوالى عندما كانت الشكوى أقل والبهجة أكثر، بهجة تافهة أيضًا حيث لم تكن المكالمات الهادفة كثيرة أو ذات فائدة، كيف لم يتم الانتباه إلى هذا الأمر، لا أدرى أيضًا لماذا تم الاستغناء عن المذياع والتلفاز والجريدة والمجلة والكتاب، الكل أصبح هنا، يدق ويقتحم بلا رحمة وفى أى وقت، لم يعد هناك وقت للإرسال ووقت للراحة، الإرسال والاستقبال أصبحا على مدار الساعة، طالما كنت مستيقظًا ولدى قدر معقول من الطاقة، فإن تلك الأنشطة لا تنقطع.

الكثير من الألعاب لا تتوقف أيضًا، بعضها بسيط وبعضها معقد، والبعض الآخر يحتوى على إيحاءات غير لائقة، تمامًا مثلما هو الحال مع الكثير من المقاطع المصورة، بعضها شديد البشاعة، جريمة قتل أو انتحار على الهواء مباشرة، أحدها كان غاية فى الغرابة حين قام لص بسرقة أحد زملائى وفر مسرعًا، كانت الكاميرا تعمل وكان البث مباشرًا، تم القبض على اللص الغبى وضحك الملايين لعدة أيام.

أشعر بالإرهاق جراء الضغط المتتالى والمكثف الذى يمارس على، أشعر بإرهاق شديد، انتصف اليوم وقاربت طاقتى على النفاد، هل سأخلد إلى نوم أستعيد فيه طاقتى أم ستتم تغذيتى واستعمالى فى نفس الوقت أيضًا، متى انتهى من هذا الكابوس، هل يجب أن انفجر أو انكسر لكى أشعر ببعض الراحة، لماذا لا يتعب مالكى، ليتنى استخدمت لصنع زجاجة بلاستيكية يشرب صاحبها ما بها ثم يلقيها فى بحر بعيد، لن أسلم من المدافعين عن البيئة ولكننى بالتأكيد كنت سأعيش فى هدوء، متى أجد الراحة والسكينة، لماذا يفعل بى الإنسان كل هذا، متى أرتاح. من مذكرات تليفون محمول ذكى متصل بشبكة الإنترنت.