
اشرف ابو الريش
الأشهر الحُرم والأعمال الصالحة
تهل علينا أيام مباركة، تفتح فيها أبواب السماء، وينزل الله فيها إلى السماء الدنيا فى هذه الأيام، حيث يقترب الخير من العباد، وتغلق أبواب الشر، وتسلسل الشياطين، ويعتبر شهر رجب أحد الأشهر الحرم، التى يجب أن نعرف قدرها وعظمتها فى الإسلام، ونعلم أولادنا فضل شهر رجب، كما كان يفعل العرب قبل البعثة النبوية المباركة، وكما فعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
دخول الأشهر على مصر وشعبها الكريم يعتبر دعوة للتراحم والتكافل خاصة فى هذه الفترة التى يمر بها العالم وتمر بها مصر.
كتب التاريخ تؤكد أن بداية الأشهر الحرم تتوقف فيها كل أعمال القتال ويحل السلام والأمن والأمان على الناس فى كل زمان ومكان.
القرآن الكريم تحدث عن هذه الأشهر العظيمة وعن حرمتها وفضلها بين الأشهر العربية فقال تعالى: «إن عدَّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم».
عندما تبدأ الأشهر الحرم، كان العرب يتوقفون عن الحروب والقتال؛ ليأمن العرب على تجارتهم كما ذكرت المراجع التاريخية التى تحدثت عن تاريخ العرب قبل الإسلام.
وقد اختصّ الله من خَلْقه الرُّسل والملائكة، كما اختصّ بعض الأيام والشهور، منها الأشهر الحرم التى تتميز بالطاعات وأعمال الخير فى تلك الأيام وهذه الأشهر الأربعة دليل على أن الله يفتح للعباد أبواب السموات ليتقبل منهم فعل الخيرات.
الأشهر الحرم رجب والمحرم وذو القعدة وذو الحجة، أيام عظيمة وقد دخل علينا أولها فى هذه الأيام تنطلق فيه الدعوات الصادقة لوقف الحروب الواقعة بين بعض الدول فى الغرب وأحدثت تأثيرًا على اقتصاديات الدول خاصة فى بلدنا.. نجدد الدعوة التى أطلقتها القيادة السياسية ونستمع إلى صوت العقل بضرورة وقف الحرب الروسية _ الأوكرانية وعلى روساء الدول فى الغرب والشرق أن يتدخلوا لوقف نزيف اقتصاديات الدول حتى تستطيع الشعوب أن تعيش عيشة كريمة.
فى مقالى الأسبوع الماضى، كنت أتحدث عن المبادرات الإنسانية لمصر والمصريين، وعن فضل تقديم الطعام للناس، خلال هذه الفترة الصعبة، التى تمر علينا وعلى كثير من بلدان العالم .. انتهز الفرصة لكى نستكمل الحديث بصورة مبسطة عن المبادرات التى تقوم بها الدولة وعدد كبير من الجمعيات الخيرية والأهلية خاصة فى هذا الفصل الصعب من شهور البرد القارس التى نرى فيها بعضًا من الناس المشردين تلتحف أجسادهم من برد الشتاء تحت الكبارى وبعض الشوارع فى العديد من المحافظات.. هذه الأيام فرصة عظيمة للتقرب إلى الله بأعمال الخير لهؤلاء الناس الذين أغلقت الدنيا أبوابها أمامهم، ومن هذه المواقف التى شاهدتها الأسبوع الماضى، يوم الجمعة بالقرب من منطقة أحمد حلمى تلك السيدة القبطية الكريمة وابنها يقدمان الطعام لواحد من الشباب المشردين فى هذه المنطقة، وفى نفس اليوم أشاهد هذا الرجل الذى تخطى السبعين من العمر فى نفس الشارع يجمع القطط والكلاب ويقدم لهم وجبة من الطعام.. الإنسانية والرحمة من وجهة نظرى مهمة للغاية، تقترب بل من الممكن أن تتفوق فى الأجر على الكثير من العبادات، وقد يتعدى الأمر أن يُدخل الله الجنة عبدًا من عباده لم نعرف دينه أو مذهبه كما جاء فى الحديث الشريف أن الله أدخله الجنة بسبب أنه سقى كلبًا أصابه العطش والجوع.. نسأل الله فى هذه الأيام المباركة أن يجعلها تفيض بالخير على مصر والمصريين .. تحيا مصر.