الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يلدغ مستخدم الفيسبوك عدة مرات

يلدغ مستخدم الفيسبوك عدة مرات

«لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحْرٍ واحِدٍ مَرَّتَيْنِ» حديث شريف رواه أبوهريرة فى الصحيحين عن النبى الكريم صلوات الله وسلامه عليه، والحديث لا يحتاج إلى شرح فالمقصود هنا لا يقع فى نفس الخطأ مرتين سواء أكان الخطأ متعلقًا بأمر من أمور الدين أو أمر من أمور الدنيا، ولكى لا يحدث ذلك فعلى المؤمن توخى الحذر دائمًا.



أما فى عالم شبكات التواصل الاجتماعى وبالرغم من كثرة التحذيرات عن ضرورة تحرى الدقة قبل تصديق أغلب ما ينشر عليها إلا أن الضربات التى يتلقاها المستخدمون كثيرة ومتتالية، فخلال شهر أكتوبر من العام الماضى وجدنا شبكات التواصل الاجتماعى لا تتحدث إلا عن واقعة عامل النظافة الذى أراد أن يتناول طبقًا من الكشرى وكيف قام العاملون بالمطعم بمعاملته بصورة مهينة وطرده خارجه بحجة عدم نظافة ملابسه وحقارة هيئته، رأينا أيضًا كيف كثرت حالات التعاطف مع هذا الشخص حتى وصل الأمر بأحد الممثلين إلي أن يقوم باستضافته فى أحد المطاعم الراقية على حفل غداء كبير، ثم استمرت الراعية له من قبل آخرين ودخل فى الأمر الكثير من الاستغلال التجارى والتسويقى، فتارة نراه فى متجر للملابس وتارة نراه يقود سيارة فارهة أو يغنى مع مطرب شعبى، هذا بالإضافة إلى عشرات اللقاءات التليفزيونية وعلى المنصات الرقمية أيضًا.

ثم بعد فترة ليست بالقصيرة، تبين أن الأمر مختلق تمامًا، فالمطعم لم يقم بطرده بل على العكس هوحصل على وجبته ،ثم قام بالتهامها داخل المكان وهو ما أظهرته كاميرات المراقبة الموجودة، حيث تبين أن العامل أراد أن يحصل على الشهرة، والمال، والاهتمام فاختلق تلك الواقعة لينال ذلك كله وأكثر، ضاربًا بسمعة المطعم عرض الحائط وهو ما أتوقع أن يكون قد أثر كثيرًا فى نسب المبيعات لديه خلال تلك الفترة.

بعد أن انكشفت الحقيقة شعر مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعى بالخديعة وقرر أغلبهم أن يقوموا بالتحقق قبل التصديق، هذا القرار الذى أراه فى تقديرى مجرد قرار نظري والأيام أثبتت ذلك، خلال الأسبوع الثانى من شهر يناير الجارى انتشر مقطع مصور لفتاة من الشرقية تزعم إنقاذها لأسرة مكونة من سيدتين وأربعة أطفال غرقت بهم السيارة، ولم يتوقف الأمر عند حد الإخراج من المياه بل قامت أيضًا بإجراء الإسعافات الأولية لهم حيث إن الفتاة تعمل ممرضة بالأساس.

الاحتفاء وصل إلى سب جميع الرجال الذين ادعت الفتاة وجودهم فى موقع الحادث بل ووصل الأمر برئيسة المجلس القومى للمرأة إلي أن تحتفى بها على صفحتها الشخصية انفعالا مع هذا العمل البطولى والذى تبين بعد ذلك عدم صحتها وأن الفتاة تعانى من اضطراب نفسى وأنها قد استأجرت سيدة لتكون شاهد عيان وأن هدفها كان لفت الانتباه وخلق تريند للشهرة ومحاولة لإعادتها إلى وظيفتها التى فصلت منها وهو ما تسبب فى إصابتها بهذا الاضطراب.

ما أخشاه ليس عمليات النصب، فهذا أمر طبيعى يحدث فى أى مكان ولكن ما يقلقنى بالفعل هو غياب المنطقية والعقلانية لدى مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى وغياب الإرادة الحرة وهو ما دفعهم للتصديق والإقرار، خطورة الأمر ليست فى الواقعتين ولكن الخطورة الحقيقية تكمن فى قدرة شبكات التواصل الاجتماعى على قيادة العقول واللعب بالمشاعر ولدغ المستخدمين مرات ومرات بلا أدنى مجهود.