
أ.د. رضا عوض
سعيد بن المسيب
سعيد بن الْمُسَيِّبِ، المُلقّب بـ «سيد التابعين» فى زمانه وبـ «عالم أهل المدينة»، وأحد رواة الحديث النبوى، وأحد فقهاء المدينة السبعة من التابعين. ولد أبو محمد سعيد بن المسيب سنة 15هـ فى المدينة المنورة فى خلافة عمر بن الخطاب. نشأ سعيد فى المدينة المنورة،
واجتهد فى طلب العلم من علمائها، فسمع من زيد بن ثابت وسعد بن أبى وقاص وعبدالله بن عباس وابن عمر، وسمع من زوجات النبى صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبى بكر وأم سلمة، كما سمع من عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وصهيب الرومى ومحمد بن مسلمة، وكان يسير الأيام والليالى فى طلب الحديث الواحد، ولزم أبوهريرة وسمع منه، وتزوج من ابنته، فأصبح سعيد أعلم الناس بحديث أبى هريرة، وكان معظم رواية سعيد للحديث عن أبى هريرة، كما لزم عمر بن الخطاب فى صباه، حتى سُمّى «راوية عُمر» لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته، فكان عبد الله بن عمر يُرسل إلى ابن المسيب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره, فارتفع قدر سعيد بين أهل العلم، وأصبح وجهة لطُلاّب العلم يستقون من علمه، فذكره مكحول قائلًا: «طفت الأرض كلها فى طلب العلم، فما لقيت أعلم من ابن المسيب»، ووصفه بعالم العلماء. كان سعيد بن المسيب يتتبع المسائل والفتاوى حتى قال: «ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله، ولا أبوبكر، ولا عمر منى»، فكان يُفتى والصحابة أحياء، وقد شهد له ابن عمر بقوله: «هو والله أحد المفتين»، كما كان إذا سُئل عن شيء، فيُشكِلُ عليه يقول: «سَلُوا سعيد بن المسيب، فإنه قد جالس الصالحين»، وقال على بن الحسين عن سعيد: «ابن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، وأفقههم فى رأيه»، وقال قتادة: «ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام من سعيد بن المسيب»، كما عدّه سليمان بن موسى أفقه التابعين. فأصبح سعيد مُقدّمًا فى الفتوى فى زمانه، ولُقّب بـ «فقيه الفقهاء»، فما كان عمر بن عبدالعزيز حين تولى إمارة المدينة المنورة يقضى بقضية، حتى يسأل سعيد بن المسيب.. اعتمد سعيد بن المسيب فى منهجه الفقهى على القرآن والسُنّة والإجماع والقياس، فإن لم يجد فيها حُكمًا، تخيّر من أقوال الصحابة. كما امتاز سعيد بن المسيب بميزة القدرة على تعبير الرؤى التى اكتسبها من أسماء بنت أبى بكر، التى أخذتها أسماء عن أبيها. كان سعيد بن المسيب أعلم الناس بحديث أبى هريرة، وقال عنه أحمد بن حنبل: «مرسلات سعيد بن المسيب صحاح»، وقال: «من مثل سعيد بن المسيب ثقة من أهل الخير»، ويقول الشافعي: «إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن»، وقال أبوحاتم: «ليس فى التابعين أنبل من سعيد بن المسيب، وهو أثبتهم فى أبى هريرة»، وقال ابن سعد: «كان سعيد بن المسيب جامعًا، ثقة، كثير الحديث، ثبتًا، فقيهًا، مُفتيًا، مأمونًا، وَرِعًا، عاليًا، رفيعًا.
روى سعيد عن: عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وأبى موسى الأشعرى وسعد بن أبى وقاص وعائشة بنت أبى بكر وأبى هريرة وعبد الله بن عباس ومحمد بن مسلمة وأم سلمة وبلال بن رباح وسعد بن عبادة وأبى ذر الغفارى وأبى الدرداء وكثيرا غيرهم, كما روى عنه كثيرون.