الأربعاء 2 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القوى الثقافية الناعمة لمصر

القوى الثقافية الناعمة لمصر

على مدار سنوات طويلة، كنت أستمع فى كثير من المؤتمرات الثقافية، إلى مصطلح القوى الناعمة، أنا من المؤمنين بأن الحروب فى السنوات المقبلة لن تكون باستخدام الأسلحة التقليدية والقوى العسكرية، إنما ستكون هناك حروب تستخدم فيها العقول لفرض سيطرة بعض الدول نفوذها على الأوساط المحيطة فى زمام منطقة الشرق الأوسط. 



السوشيال ميديا والمنصات والمواقع التى تجوب سماوات الأرض شرقًا وغربًا على مدار الساعة، أصبحت من القوى المؤثرة فى حياة الأمم والشعوب حاليًا.. ومن هذا المنطلق فإن الواقع الثقافى المصرى، يجب أن يكون حاضرًا وبقوة للحفاظ على هويتنا الثقافية، التى كانت ولاتزال لها الريادة فى المنطقة العربية على مدار العقود الأخيرة من هذه الألفية. 

جوزيف ناى تحدث عن القوة الناعمة قائلًا: «إنها القدرة على الجذب لا عن طريق الإرغام والقهر والتهديد العسكرى والضغط الاقتصادى، ولا عن طريق دفع الرشاوى وتقديم الأموال لشراء التأييد والموالاة، كما كان يجرى فى الاستراتيجيات التقليدية الأمريكية، بل عن طريق الجاذبية، وجعل الآخرين يريدون ما تريد»، ولقد استخدم ناى هذا المصطلح فى كتابه «مقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيّرة للقوة الأمريكية» الصادر عام 1990، علمًا بأنّ ناى نفسه طوّر هذا المفهوم من خلال  كتابٍ آخر أصدره عام 2004 بعنوان: «القوة الناعمة: وسائل النجاح فى السياسة الدولية»، مصطلح القوة الناعمة سيتردد بقوة خلال السنوات المقبلة بعد كل هذه المواقع الإلكترونية التى ينضم إليها المليارات من البشر على هذا الكوكب. 

 الدبلوماسية الرشيقة، والأدب والفنون لها تأثير مباشر على الرأى العام ، والأمثلة كثيرة على منصات التواصل وفى الفضائيات.

خلق الله المصريين منذ قديم الأزل وهم متفردون وأصحاب جينات خاصة، ومعظم الدراسات المتعمقة فى الشخصية المصرية تؤكد ذلك، وعلماء الاجتماع والمتخصصون فى دراسة أصول الشعوب وأجناسها تحيرهم هذه الشخصية المتفردة للمصريين.. وأن هذا الجنس من الشعوب لديه المقدرة إذا أتيحت له الفرصة يستطيع أن يكون جيشًا من القوى الناعمة فى الثقافة والفنون والآداب. 

من هذا المنطلق تستعيد القاهرة ريادتها الثقافية من خلال القوى الناعمة بانطلاق معرض القاهرة الدولى للكتاب، واستضافة اجتماعات اتحاد الأدباء والكُتاب العرب برئاسة الشاعر المصرى والمفكر الدكتور علاء عبدالهادى الأمين العام للاتحاد ورئيس اتحاد كتاب مصر الخميس المقبل بإذن الله.. أصبح يقينًا أن هذه الدولة مهما تداعت عليها الأيام ستظل عاصمة العالم العربى للثقافة والفنون ورافدًا من روافد الحضارة الإنسانية التى استفاد منها على مر التاريخ حضارات الغرب والشرق. 

الجنود الساهرون للحفاظ على هذا الوطن وعلى الهوية الثقافية المصرية ومساندة القوى الناعمة فى هذا الوطن  لن يتركوا الساحة لكل هذه المحاولات الصغيرة التى تريد أن تتقمص دورًا تحت الشمس.. مصر الثقافة والفن والمعرفة وشمس العلوم وقمرالريادة ولو كره الكارهون. تحيا مصر.