الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يـا عـوازل فلفلـوا

يـا عـوازل فلفلـوا

«إن الشاب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف الترام بالقرب من المكان المخصص للسيدات وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى البجاحة ويقول لها دون سابق معرفة بنسوار يا هانم «هذا ما قاله الكاتب الكبير فكرى أباضة فى مجلة اللطائف المصورة قبل 91 عاما من اليوم وتحديدا عام 1932، ثم نأتى إلى عام 1950 ونجد أغنية فى فيلم «اخر كدبة» للمطرب فريد الأطرش يقول فيها «يا عوازل فلفلوا ما قالى وقولتله» وهى التى تم منعها من الاذاعة بتوجيهات من رئيس الوزراء مصطفى باشا النحاس بدعوى الحفاظ على الذوق العام.



الواقعتان السابقتان هما مجرد مثلين على محاولات الحفاظ على الذوق العام، بالطبع مقارنة الفعل فى المثال الأول والكلمات فى المثال الثانى بما يجرى اليوم يجعلنا نشعر أننا أمام مشهد كوميدى فى أحد الأفلام، والحقيقة أن محاولات الحفاظ على الذوق والآداب العامة استمر بعد ذلك لفترة ليست بالقصيرة، منها منع إذاعة أغنيات المطرب أحمد عدوية فى بداية السبعينيات بالحجة ذاتها ولكن كان المتنفس فى هذه الفترة هو ظهور شرائط الكاسيت، أمر مشابه خلال الأعوام التالية حدث مع شرائط الفيديو كاسيت، واستمر الذوق العام محفوظا نوعا ما حتى دخلنا فى عقد التسعينيات حيث بدأت القنوات الفضائية فى الوجود والانتشار مع استمرار انخفاض أسعار أطباق وأجهزة الاستقبال، ثم دخلنا إلى عصر المعلومات -شبكة الإنترنت- وتطوراتها المختلفة وصولا إلى عصر شبكات التواصل الاجتماعى فأضحى الأمر أكثر صعوبة وربما وصل إلى درجة الاستحالة، أحد الأدلة على هذا الأمر هى المعارك المستمرة بين نقيب الموسيقيين وبين عدد من المطربين الجدد -مطربى المهرجانات- حيث لا تزال ساحة الإنترنت متنفسا لهم ومازال جمهورهم يتواصل معهم هناك بالإضافة إلى إمكانية الغناء فى دول أخرى، ولا يقتصر الأمر على الفنون المختلفة بل تخطاه وصولا إلى الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة وغيرها الكثير، والحقيقة أن محاولة مكافحة هذا الأمر بنفس تلك الأساليب التقليدية والقديمة يشبه محاولة الحرث فى الماء ولا بديل من المكافحة بأسلوب آخر وهو ببساطة يعتمد على قانون الإزاحة  للسوائل أو القاعدة الاقتصادية التى تقول إن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة وهو ما أجد بعض البوادر والمبادرات للتحرك فى هذا الاتجاه ولكنها لا تزال غير كافية فالطوفان كبير والأمواج عالية.