الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قابلت شخصًًا سعيدًًا

قابلت شخصًًا سعيدًًا

لا يخفى على أحد أن الفترة الحالية ينقصها الاستقرار، فالأحداث والصراعات العالمية تلقى بظلالها على اقتصاد العالم وتنعكس على البشر انعكاسًا سلبيًا كما أن وسائل الإعلام المختلفة لا تتوقف عن استعراض الموقف والحديث عن التوقع باستمرار الأمر لفترة ليست بالقصيرة،  حتى إن التقارير والمؤشرات الدولية تشير إلى وجود حالة من عدم اليقين حول شكل المستقبل وتصف الوضع الحالى بأننا نعيش فى عالم متشرذم.



ونتيجة لتلك الأخبار وما نلمسه جميعًا انقلبت أغلب اللقاءات والمحادثات إلى شكوى وخوف حتى بات الكثيرون يصرحون بأنهم قد أصيبوا بالاكتئاب أو على حافته بالفعل ولكن ومن داخل هذا المناخ المقلق حدث أن كنت متوقفًا بالأمس بجوار أحد المحال المغلقة التى ربما رأى صاحبها أن العمل يوم الإجازة لن يكون مجديًا وخلال لحظات وجودى أمام المتجر المغلق،  توقف رجل متوسط العمر وسألنى ببساطة عن صاحب المتجر، أين هو ولماذا مغلق؟، والحقيقة أننى لم أجد أى إجابة جديدة بخلاف أننى هززت رأسى قائلا «نعم، مغلق، ربما لن يفتح أبوابه اليوم»،  وتصورت أن تلك الإجابة المقتضبة ستنهى الحوار إلا أننى كنت مخطئًا حيث استطرد الرجل والابتسامة تعلو شفتيه قائلًا «أنا لا أريد أن ابتاع منه شيئًا، أنا أمر من هذا الطريق يوميا، وفى كل يوم ألقى على صاحب المتجر التحية، لأنه ساعدنى يومًا ما كان لدى عطل أصاب سيارتى فى الواحدة صباحا رغم أنها ليست مهنته ولم أطلب منه ذلك لذا أجد أن من باب محاولة رد الجميل أن أحييه كلما مررت من هنا وابتسم فى وجهه».

انتبهت إلى ما قال ثم عقبت قائلًا «هذا أمر رائع، أن تحفظ الجميل ولا تنساه وتمتن لصاحبه»، وهنا التفت الرجل ناحيتى وقال بابتسامة كبير» طبعا،  هذا ما أفعله، الخير موجود فى امتى إلى يوم الدين، وأنا لا أفعل شيئا، مجرد ابتسامة وتحية امتنان، هل جزاء الإحسان الا الإحسان».

ابتسمت إليه قائلا «صحيح، بارك الله فيك»،  وهنا ابتسم ابتسامة اعرض من سابقتها سائلا اياى» كم تعطينى من العمر؟»، وهنا بدأت فى تفرس ملامح وجهه وهيئته قبل أن أقول «45 عام؟»،  وهنا ازدادت ابتسامته قائلا «ياريت،  أنا ابلغ من العمر 65 عاما،  ولكنى لا أتوقف عن الابتسام  طوال الوقت،  كما أن ضميرى مرتاح فخلال فترة عملى لم انجرف إلى الأكل الحرام على الرغم من حساسية المكان الذى كنت أعمل به وسهولة السير فى هذا الطريق، وعندما أحيلت إلى المعاش، ساق الله لى وظيفة أخرى فى نفس الأسبوع،  لم يتركنى أعانى كثيرا أو اقلق بشأن المستقبل،  وأقول لك شيئا آخر،  هل ترى الأزمة التى نعانى منها الآن،  أنا واثق أن الله سينجينا و يكرمنا بكرمه، لا تسأل كيف فأنا لا أسأل ملك الملوك كيف يتصرف».

اصبت بدهشة عندما عرفت سنه الحقيقى بل خطر ببالى لوهلة ان أطالبه بإبراز تحقيق الشخصية ولكننى وجدت أن هذا الفعل خارج عن حدود اللياقة ويحمل معانى التشكيك فيما قاله ذلك الرجل الذى التقيته فجأة كما تركنى وانصرف فجأة أيضا.