الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خمس ثوانٍ فارقة

خمس ثوانٍ فارقة

قبل 85 عامًا من الآن كان العرض الاول لفيلم «يحيا الحب» بطولة محمد عبدالوهاب وليلى مراد وعبدالوارث عسر الذى كان يقوم بدور والد محمد عبدالوهاب حيث تدور بينهما حوارات توضح اختلاف الأجيال فى النظر للحياة وفى فهمها والتفاعل معها، أتذكر أنه فى أحد المشاهد توجه بالحديث إلى ولده قائلا باستعجاب ودهشة «آه منكم يا شباب اليوم».



والحقيقة أنه على الرغم من مرور كل تلك الأعوام فإن الفارق بين الأجيال لا يزال موجودًا ولكن من الملاحظ أن وتيرته تتسارع بتسارع التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، فالتغيير الذى كان يستغرق جيلًا بأكمله ربما يحدث اليوم فى عدة سنوات أو شهور ولا ندرى إلى متى ستستمر الأمور فى التسارع والاختلاف.

نشعر بذلك فى حجم الروايات وطول المقطوعات الموسيقية والأغانى، كما نشعر به فى سرعة ووتيرة الحديث وفى هذا السيل الجارف من الأخبار والمعلومات التى نتلقاها وننتجها كل ثانية بواسطة التطبيقات والمنصات الرقمية ومنها بالطبع تطبيقات التواصل الاجتماعى.

أمور أدت إلى تراجع استخدام أقوال مأثورة مثل «إن الله مع الصابرين» أو أمثال شعبية مثل: «الغايب حجته معاه»، الكثير من الأعمال الدرامية تعتمد على سوء التفاهم واستحالة الاتصال، مشهد شهير للبطل يهبط من منزله ويقود سيارته بينما يصل إلى نفس المكان شخص آخر فى سيارة أجرة وقد لا يرى البطل فتتعقد الأحداث أو يلمحه فيشير إلى السائق قائلاً الجملة الشهيرة «وراه يا اسطى».

أساليب الدعاية والإعلان تطورت أيضًا وأصبحت أقل زمنًا وأكثر تركيزًا، منها بالطبع  الإعلانات التى تتوسط الأعمال الدرامية والبرامج التليفزيونية وصولًا إلى تلك التى تتوسط مقاطع الفيديو المصورة على التطبيقات المختلفة وهى التى يتم إجبار المستخدمين على مشاهدة أول خمس ثوانى منها قبل أن يتيح له التطبيق تخطيها ومعاودة المشاهدة.

هنا نجد أن الحرفة فى أسلوب الإعلان تتغير كثيرًا حيث يجب على المعلن أن يكون جذابًا وجاذبًا للمشاهد خلال تلك الثوانى المعدودة وإلا فإن التخطى والتجاهل سيكون هو مصير إعلانه بالكامل.

تلك الحرفة التى أجدها كثيرًا فى الإعلانات الغربية مقارنة بما نعلن عنه فى بلداننا، ففى الكثير من الحالات أجدنى متوقفًا لاستكمال الإعلان نظرًا لما حدث لى من جذب فى تلك الثوانى المعدودة وهو أمر لا يحدث كثيرا- أو على الإطلاق- فى الإعلانات العربية فأصحابها يقومون ببساطة بأخذ جزء من الإعلان التليفزيونى ويقومون بإعادة بثه كما هو وهو ما يفقدهم الكثير من العملاء المحتملين.