الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المحامى الذكى

المحامى الذكى

ليس المقصود هنا ذكر إحدى الصفات المهمة لتميز محام عن آخر، فالذكاء إن لم يكن متوفرًا فى تلك المهنة فسيتحول المحامى إلى أن يصبح مجرد حافظة لأوراق القضية مهما حاول أن يضفى على نفسه أى شكل من أشكال الفهم أو العمق، ولكن الحديث اليوم عن الذكاء الاصطناعى الذى اقتحم فى الفترة الأخيرة العديد من المجالات ومنها مجال المحاماة والدفاع عن المتهمين أيضًا.



بدأت أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى الدخول إلى مجال العدالة ربما منذ تسعينيات القرن الماضى بتطور تقنيات قواعد البيانات واساليب البحث فيها حيث انتشرت الموسوعات القانونية الرقمية التى تساعد كلا من المحامين والقضاة ووكلاء النيابة أيضًا فى التعرف على القوانين وبنودها، ثم تطور الأمر بتطور تقنيات البحث ليتم الربط بين القوانين والبنود الفرعية فيها لتقوم باستخراج معرفة جديدة معتمدة على هذا التحليل وهذا الربط وهى خطوة يتميز فيها بالفعل محام عن آخر، أما اليوم فإن تطورًا جديدًا قد حدث.

هذا التطور ارتبط باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى لعمل برنامج محادثة Chatbot  تتم تغذيته بالقوانين وبنودها وأنواع الأحكام الصادرة وذلك فى قضايا سابقة ثم يقوم هذا التطبيق بسرد حجج وأسانيد وتكييفات قانونية لما يتلقاه من أسئلة أو اتهامات، من الأمثلة على هذا التطبيق ما قامت به شركة أمريكية متخصصة فى الذكاء الاصطناعى تدعى DoNotPay  حيث أشار صاحبها إلى أن  التطبيق تم بالفعل استخدامه فى عدد من قاعات المحاكمة ولكن ليس كمحام حيث اقتصر الأمر على معاونة المتهمين فى صياغة ردود قانونية للرد على ما يتلوه محامى الطرف الثانى أو الادعاء عليهم.

التطور الأخير فى الأمر هو تشغيل هذا التطبيق من خلال إنسان إلى كامل Robot  حيث صرح رئيس الشركة بأن ذلك سيتم لأول مرة فى المحاكم الأمريكية فى الثالث والعشرين من فبراير الجارى وذلك بدون أن يسمى المحكمة أو القضية المعروضة، ولم تمض أيام إلا وتعرض رئيس الشركة لتهديد علنى من عدد كبير من المحامين ومن بعض النيابات- على حد قوله- بأنه إن لم يتراجع عن الأمر فإن السجن لمدة ستة أشهر سيكون بانتظاره وهو ما جعله يتراجع عن تصريحه السابق وذلك خلال تغريدة على منصة تويتر اطلقها منذ أقل من شهر.

وبغض النظر عن الموقف الحالى والمعارضة والرفض لهذه التقنية والخوف من أن يؤدى إلى كساد فى مهنة المحاماة، إلا أن لرئيس الشركة مدخلا مختلفا لفرض فكرتها والترويج لها مفادة أن هذا التطبيق سيساعد المتهمين فى عملية الدفاع دون أن يتحملوا التكاليف الباهظة التى يتقاضاها المحامون حاليا وفى تقديرى أن مقاومة اقتحام تقنيات الذكاء الاصطناعى للأعمال المختلفة هى مقاومة متوقعة ومنطقية نوعا ما إلا أن المقياس الحقيقى لنجاح الفكرة من عدمه ستعتمد كثيرًا على مدى مهارة تلك التطبيقات مقارنة بالعقل البشرى الطبيعى وهو ما ستسفر عنه السنوات القليلة المقبلة.