الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قرار مفاجئ لـ«روزاليوسف»!

قرار مفاجئ لـ«روزاليوسف»!

شعرت السيدة «روزاليوسف» بالخجل والندم عقب مشاجرتها مع الأستاذ محمد التابعى، وفوجئت بدمعة تنحدر من عينيه ومشى مسرعًا دون أن يتفوه بكلمة واحدة!



وتمضى «روزاليوسف» قائلة: مضت برهة وأنا مأخوذة بما حدث، ولم ألبث أن راجعت نفسى فساورنى الندم وأيقنت أن الصديق ـ التابعى ـ كان على صواب فى إصراره على رأيه واعتزمت أن ألحق به وأزيل أثر هذه الصفعة بكلمة اعتذار!

وكان التابعى قد قطع مسافة طويلة، فليس من سبيل للحاق به إلا أن أستقل عربة، وتحسست حقيبتى فإذا بها لا تضم بين جنباتها أكثر من ثلاثة قروش فسرت نحو موقف العربات، وهنا بدا لى الموقف محرجًا جدًا، كيف أفاوض «العربجى» وأنا لم أتعود إلا دفع الأجر مضاعفًا بحيث لا ينطلق لسان العربجى بالشكوى؟!

وبدا لى الموقف حرجًا جدًا، لكنى استجمعت أطراف شجاعتى وتقدمت من أول «حوذى» يقف فى الصف وقلت له:

ـ اسمع توصلنى لمجلس النواب وتاخد ثلاثة صاغ.. مش عاوزة كتر كلام.. أيوه.. ولا لأ؟!

وصمت الحوذى وهو يتأملنى دهشًا، ولعله ظن أننى أحد النواب متنكرًا فى زى سيدة، واعتبرت سكوته قبولًا فركبت، ولما وصلت إلى مجلس النواب كان «التابعى» لم يصل بعد، وحالما رآنى أدرك أنى ندمت وشاء له أدبه أن يكفينى مؤونة الاعتذار فقال ضاحكا:

ـ تعرفى يا مدام.. إنه مش من مصلحتنا أبدًا أن تكون المناقشة بلغة الأيدى!!

فضحكت وضحك وزال من نفسينا ما كان يسودهما من الغضب وعدنا للمباحثة فى مواضيع المجلة من جديد!

وتحكى «روزاليوسف» قائلة: إن الجمهور أعجبته مخاصمتنا للأدب العالى «فأقبل على المجلة وهى تتهادى فى فستان الأدب الرشيق حتى أن رقم التوزيع قفز إلى تسعة آلاف نسخة!! والأدب الرشيق مهما قلنا فى رشاقته وخفافته فهو أدب يحشر أنفه فى تصرفات الناس، وتصرفات الناس كما يعلم القارئ بعضها يستحق الحمد والثناء!

إلا أن للاشتغال بهذا الأدب الرشيق خاصية لا يمكن إغفالها، وهى إنها تجعل المشتغل يحس إحساسًا عميقًا بالمحيط الذى يعيش فيه ويتحرك مدفوعًا بتفكيره إلى الغاية التى يندفع إليها التيار الكبير الذى يسود هذا المحيط ويغمره!

كانت السياسة بثورتها ومنازعاتها الحزبية هى التيار الاجتماعى الجارف، وكان «سعد زغلول» قد تحول من شخصية ممتازة إلى فكرة، ومن فكرة إلى عقيدة وطنية، وصارت حركاته وسكناته متصلة بتصرفات الناس ولا سيما الطبقة العالية، وهى الطبقة التى كنت أجرب فيها نظريات الأدب الرشيق.

كانت السياسة المصرية مسرحًا عجيبًا تقدم فيه «أفكه» المهازل وأعجب المآسى.. وكنت كزعيمة للأدب الرشيق إياه، أحس بكل ما يجرى حولى وأتأثر به، وكنت كفنانة قضت عليها الظروف بأن تقف متفرجة على العجيب المدهش مما يمثل على مسرح السياسة، أحس برغبة قوية فى أن أعتلى خشبة هذا المسرح الجديد وألعب دورًا فيه بحكم «غية» التمثيل!

كل هذه العوامل كانت تضطرب فى رأسى وتختلط كما تختلط وتتمازج مختلف المشروبات فى «كوز كوكتيل»!

وفى ذات مساء استدعت الأستاذ «التابعى» صديقى وبعد أن قفلت باب البدروم بالضبة والمفتاح صارحته بما يضطرب فى رأسى وطلبت إليه أن نعتلى خشبة هذا المسرح ولو بصفة كومبارس!!».

لم تكن السياسة وأحوالها غائبة عن السيدة «روزاليوسف» وكما تقول: «منذ سنوات بدأت أهتم بالسياسة وأسعى إلى حيث يخطب سعد زغلول لأسمعه وأقرأ تطورات الحركة الوطنية وأنفعل وأتحمس لكل مظاهرة سياسية تنطلق فى الشوارع هاتفة بالاستقلال وخروج الإنجليز.

وهكذا انتظرت «روزاليوسف» رد الأستاذ التابعى!!

وللذكريات بقية!