الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وهكذا أصبحت روزاليوسف مجلة سياسية!

وهكذا أصبحت روزاليوسف مجلة سياسية!

لم تكن السيدة روزاليوسف بعيدة عن الأحداث السياسية التى تمر بها مصر، فقد شاركت الفنانين فى مظاهرات ثورة سنة 1919، وتابعت باهتمام كل ما يحدث على مسرح السياسة، ومن هنا خطرت لها فكرة أن تصبح المجلة سياسية، وكان أول من فاتحته بهذا الأمر هو الاستاذ محمد التابعى وتمضى «روزاليوسف» قائلة: وهنا بحلق التابعى فى وجهى وارتفع طربوشه محمولا على شعره الواقف ثم قال لى بلهجة قاطعة: لا يا ستى أنا لا أحب السياسة ولا السياسيين وراجعته متلطفة ولكن  بلا فائدة وأصر على إبداء كرهه للسياسة وختم حديثنا بأن أبحث عن واحد تانى يشتغل معى فى هذه الصنعة الجديدة!



فسكت على كره منى، بعد أن استعنت على السكوت بشرب «قلة المية»! ولكن الفكرة لم تمت بل لم تهمد، وأحسست بأنها تزداد قوة تحت الرفض الذى أبداه الأستاذ الصديق، وسرنا خطوتين، وفى كل خطوة نتعثر بالعقبات المالية، فقد كان إيراد المجلة يغطى بالكاد تكاليف المجلة ودفع مصاريف القهوة والسجاير «البفرة» للمحررين الاعزاء، وفى كل دخلة إلى إدارة المجلة ذات الباب الواطى ترتطم رءوسنا بأعلى الباب حتى أتقن الزوار والمحررون أحدث التمرينات فى ثنى القمامة وفى الزحلقة!

وشاءت الحوادث أن أعيد الكرة فى فتح الحديث من جديد فى مسألة السياسة، وكانت مجلة «الكشكول» فى عنفوان جبروتها، وكان لها سوط سليط تشرعه على كل كبير وكان “سعد زغلول” الهدف الاول والاخير لهجماتها، وكانت الجرائد الوفدية ترد التحية على الكشكول ولكن بغير سلاحه، فقد كان سلاحها المقالات الطويلة التى تجر وراءها بحر البلاغة والبيان!

وكان سلاح «الكشكول» الصور الكاريكاتورية التى تركز المعانى وتقدمها سهلة هينة الى الجمهور وكان سلاحها أيضا نوعا من الأدب الرشيق!

وكانت السيدة منيرة ثابت أصدرت مجلة باسم «الأمل» وخاضت بحر السياسة ولكن على قرعتين من البلاغة والبيان والأدب العالى، فلم تقدم ولم تؤخر شيئا فى هجمات الكشكول، واضطرت السيدة الى إغلاق مجلتها بعد خمسة شهور من إصدارها.

وكنت كلما قرأت الكشكول وهو ينال من “سعد” العظيم أقضى ليلة مزعجة اتمنى اثناءها أن يحولنى الله من امرأة إلى رجل لأذهب إلى الاستاذ “سليمان فوزى” صاحب الكشكول وأضربه علقة وزغدين!!

إذ كانت “لسعد” فى نفسى مكانة سامية، وكنت أعتقد كما أعتقد الآن أن من يجترئ عليه بالباطل إنما ينال حقا من حقوق الوطن!

كل هذه العوامل جعلتنى أفاتح صديقى - التابعى - ثانية فى الموضوع وكان جوابه أيضا هذه المرة الرفض التام، ولكنى لم أتقهقر وأخذت فى تنفيذ مشروعى!

ولكن كيف نحصل على رخصة سياسية للمجلة؟! كانت وزارة «زيور» باشا أو أحمد الصغير كما أسميناه قائمة فى الحكم وزيور باشا على جسمه الكبير رقيق العاطفة لين العريكة يعمل بالمثل المعروف  «اعمل الطيب وارميه فى البحر» وعمل دولته بالمثل إياه فأعطانى الرخصة السياسية بعد محاولات قمت بها ولبست أثناء قيامى بها قناع الهبلة المضروبة على عنيها التى يغرر بها الناس أصدقاء كانوا أو أعداء!

كان زيور باشا كما تقول «روزاليوسف» من طراز لم تشهد المناصب مثله كانت الدنيا تثور من حوله وهو لا يهتم، تنسب إليه الصحف أعنف الاتهامات ولكنه يظل فى عالمه الخاص لا يهتم بالجماهير ولا يقرأ الصحف قط وهو الذى قال لوكيل وزارة الداخلية «حسن رفعت» أعطوها الترخيص خليها تأكل عيش!!

وللذكريات بقية..