الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الظرفاء والسخفاء

الظرفاء والسخفاء

لا يمكن لأحد أن ينكر خفة دم المصريين، البعض يذهب فى مدح تلك الصفة فيهم إلى القول بأننا أكثر أهل الأرض ظرفًا، وقبل أن نستطرد فى هذا الأمر نجد أن تعريف لفظ «الظريف» هو الشخص الجذاب سريع البديهة القادر على الإتيان بتعبيرات وحكايات تبعث فى النفس السرور والبهجة وهى صفات بعضها عفوى وبعضها مكتسب أو قابلة للتطوير والتحسين، والشخصيات الظريفة لا ترتبط بمهنة أو مستوى اجتماعى أو اقتصادى أو ثقافى معين، فلكل فئة مفرداتها المناسبة وتبقى الإشكالية الوحيدة فى توقيت ومناسبة ممارسة فعل الظرف وكميته أيضًا، فالقليل من الظرف قد يوصم صاحبه بالجمود والكآبة والكثير منه قد يصل بصاحبه إلى مستوى الهزل والتهريج وقلة القيمة.



ولتخليد الظرف والظرفاء نجد العديد من الكتابات التى تقوم بذلك منها كتاب العم محمود السعدنى بعنوان «الظرفاء» والذى يسرد فيه نوادر العديد من ظرفاء جيله من الكُتَّاب والمثقفين والصعاليك أيضًا، فنجد الكتاب يتحدث عن عبد القادر المازنى وحافظ إبراهيم وإمام العبد وعبدالحميد دياب وحفنى محمود وكامل الشنازى وغيرهم، كما أن له كتابًا آخر بعنوان «المضحكون» يتحدث فيه عن نجوم الفن أمثال نجيب الريحانى وفؤاد المهندس وعادل إمام وسعيد صالح وغيرهم.

والمتأمل لفعل الظرف يجد أنه ليس من الضرورى أن يرتبط بمهنة صاحبه أى أن صاحبه قد يكون طبيبًا ناجحًا أو مهندسًا مشهورًا أو كاتبًا سياسيًا ولكن لا يستطيع أن يتخلى عن القفشة والافيه فى الجلسات الخاصة حتى أن البعض لا يستطيع أن يتخيل أن هذا الشخص الجاد جدا يكون قادرا على اطلاق تلك القفشات ولا على اضحاك الناس بهذا القدر وصولا إلى الاستلقاء على القفا أو الترفيص بالأقدام.

وفى الحقيقة ان الظرف ليس من الضرورى أن تكون نتيجته الضحك والقهقهة، فيكفى أن يشعر المتلقى بالسعادة والاستمتاع دون الانتقال إلى الضحك الذى يمكن اعتباره صنعة وموهبة أخرى يبرع فيها المصريون وتصعب المهمة على من يحاول اضحاكهم، خاصة أن الضحك كائن حي يتأثر بالثقافة والأحداث الجارية والزمن أيضًا، فليس كل ما كان ينتزع الضحكات فى ستينيات القرن الماضى يستمر كذلك فى العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، أما السخفاء فهم نقيض الظرفاء، ليس لأنهم يسردون مآسى إنسانية مثلا ولكنهم ببساطة هم من يعتقدون أنهم ظرفاء وهم أبعد ما يكونوا عن هذا، وللأسف نجد الكثير منهم فى كل مكان حولنا فى الشارع وفى العمل وخلال شاشات التلفاز ودور العرض أيضًا ونجدهم مستمرين فى فعل السخف ببساطة لأن إحدى صفات المصريين أنهم شعب مجامل إلى أقصى حد أيضًا.