الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الصحفيين» والبرادعي!
كتب

«الصحفيين» والبرادعي!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 16 - 12 - 2010


«جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت»!


(1)


- كل التحية والتقدير لنقابة الصحفيين، النقيب وأعضاء المجلس، الذين رفضوا استقبال البرادعي، لأنه تصور أن النقابة وكالة من غير بواب، فأراد الذهاب إليها، ليسكب مزيدًا من الزيت علي المشاكل.


- هل تصور هذا الرجل أن زيارته الكريمة، سوف تكون فتحًا مبينًا، وأن الصحفيين سيقفون بالمئات يرفعون صوره ويهتفون «أهلاً.. أهلاً يا برادعي»، وهو يعرض عليهم بضاعته البائرة؟
- هل تصور أن النقابة ستتحول إلي «جراج» لمعركته الفاشلة التي يديرها بطريقة طواحين الهواء، دون أن يعرف أحد ماذا يريد هذا الرجل؟! وماذا يستهدف من الفرقعات التي يبتدعها؟
(2)
- البيوت تُدخل من أبوابها، ولم يسلك البرادعي الطريق السليم لزيارة النقابة، بأن يستأذن من مجلسها، وأن يعلن عن سبب الزيارة وأهدافها ومقاصدها، فهذه هي الآداب والسلوكيات المتعارف عليها.
- سيتحول الأمر إلي فوضي، إذا سلك بعض الأشخاص نفس مسلك البرادعي، وذهبوا إلي النقابة دون استئذان، ويزداد الأمر سوءًا إذا حضر الضيف بحاشيته ورجاله وأتباعه.
- ما علاقة نقابة الصحفيين بهذه الفوضي، وهل هي نقابة للرأي والدفاع عن أعضائها أم للخلافات السياسية والصراعات الحزبية التي أهلكت نقابات أخري وأصابتها بالشلل؟
(3)
- زيارة البرادعي للنقابة نذير شؤم، لأنها ستفجر صراعات سافرة، بين الصحفيين وغيرهم، وبين الصحفيين أنفسهم، لأن جموعهم يرفضون مثل هذه الأساليب الفجة.
- هذا الرجل أضاع ماضيه وحاضره ومستقبله، ولن يبقي منه سوي الضوضاء والضجيج، لأنه يقتحم الحياة السياسية من أبوابها الخلفية ويتسلل إليها من الشباك.
- البرادعي يرفض الأحزاب ولا يعترف بها، ويسفه من قدرها ولا يقبل العمل من خلالها، ويرفض أيضًا أي شكل من أشكال الممارسة السياسية الشرعية، التي تحترم الدستور والقانون.
(4)
- منهج البرادعي هو النزول إلي الشارع، ولأنه رجل يعيش في الخيال، فلا يعرف ما هو الشارع؟ وما هي قوانينه وضوابطه وشريعته؟ وهل إذا نزله سوف يجد من يستجيب له؟!
- من الذي أوحي له بأن الشارع معه، ولا يمكن أن ينقلب عليه، ومن الذي يؤيده وهو يتجمهر بين الناس، وماذا يحدث إذا واجهته مظاهرة مناهضة لأفكاره وشعاراته؟
- في كل بلاد الدنيا، هل يكون النزول إلي الشارع بهذا الشكل الفوضوي الذي يدعو إليه البرادعي، أم تكون المسألة قانونية ومنظمة، لحماية أمن وسلامة المتظاهرين، وعدم عرقلة سير الحياة؟
(5)
- البرادعي أضاع ماضيه، وتصوروا أن العالم الكبير الذي حصل علي نوبل، ومنحته الدول أعلي أوسمتها، كان قد طلب زيارة نقابة الصحفيين ليحاضر فيها ويلتقي أعضاءها؟
- كانت النقابة سوف تستقبل البرادعي - العالم المصري - بكل ود وترحاب وتفرش له الأرض بالسجاجيد والورود، ويتباهي كبار الصحفيين والكُتاب والأدباء ورموز المجتمع، بالجلوس في الصفوف الأولي ترحيبًا به.
- كانت النقابة سوف تضع اسمه وصورته في سجل الخالدين، ليذكر التاريخ بعد عشرات السنين، أن البرادعي زار النقابة وكتب كلمة في سجلها والتقط الصور التذكارية مع أعضائها.
(6)
- البرادعي ضيَّع حاضره، لأن هذا الوطن كان ينتظر منه الكثير والكثير، كعالم بارع وأستاذ كبير شرف مصر في أعلي المناصب الدولية، لكنه رمي كل ذلك وراء ظهره، وسلك الطريق الخطأ.
- صور له خياله أنه يمكن أن يقفز بالبراشوت فوق النظام السياسي القائم، ليغير عليه، ويطلق قنابله الدخانية في كل اتجاه، ممتطيًا أحصنة من ورق، محاربًا بسيوف من خشب.
- عاد إلي مصر متعاليًا علي ظروفها السياسية، متكبرًا علي الجميع، مشتتًا وتائهًا، لا يعرف من أين جاء أو إلي أين يذهب؟! أو علي حد أشعار إيليا أبوماضي الرائعة «جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت».
(7)
- للأسف الشديد، لم تستفد مصر شيئًا من البرادعي، عالمًا أو سياسيًا، ضن عليها بخبرته، ولم يزورها إلا سائحًا مرات قليلة علي مدي عشرات السنين، واستعذب العيشة في المنتجعات الأوروبية.
- لم تستفد منه سياسيًا، كان من المفترض أن يطرق الأبواب الشرعية، ويساهم في إثراء التجربة الديمقراطية، ويدفعها خطوات إلي الأمام، بحوارات العقل وليس العضلات.
- عاد صيادًا للمشاكل والأزمات، رافعًا شعارات لا تخرج من مضمون «الفوضي الخلاقة» التي ابتدعتها أمريكا في العراق، فلم تكن أبدًا خلاقة، بل هدامة ومدمرة ومخربة.


E-Mail : [email protected]