الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
آلة الزمن الافتراضية

آلة الزمن الافتراضية

استمتعنا كثيرًا بأعمال درامية كثيرة يدور فكرتها حول آلة الزمن The time machine حيث يقوم البطل بقيادة تلك الآلة والعودة إلى زمن ماضٍ تدور فيه أحداث العمل من خلال عدد من المفارقات الطريفة وفى بعض الأحيان يحدث العكس، أى تدور الأحداث فى الماضى فى بداية العمل حتى يقود أحد الأبطال الآلة نفسها للوصول إلى العصر الحالى وتبدأ المفارقات أيضًا.



ربما نحتاج إلى عمل جديد يكون تركيزه على الطفرة التكنولوجية الكبيرة التى حدثت فى السنوات القليلة الماضية، لما أن نتخيل حوار بين شخصين فى خمسينيات القرن الماضى أحدهما اتى من العام الجارى، يقابله أحد الأشخاص فيسأله لماذا لا يتصل به تليفونيا، فيبادره قائلا إن تليفونه قد فقد، ثم يطلب منه مصدرًا للتيار الكهربائى ليقوم بشحن سجائره الإلكترونية أو ساعته الرقمية وأنه يحتاج إلى أن يحادث شخصًا فى بلد آخر ولكنه لا يجد إشارة للإنترنت اللا سلكى.

هذا الشخص سيصدم أيضًا عندما يتعرف على كم المشقة التى يبذلها صديقه القديم من أجل مراسلة شخص فى مدينة أو بلدة أخرى أو يجده يحتاج الى الذهاب الى مركز متخصص لكتابة خطاب رسمى على الآلة الكاتبة ويحدث أن يخطأ الكاتب فى حرف أو أكثر فيكون عليه أن يعيد الرسالة كلها مرة أخرى أو يحتاج إلى استخدام «موس» لكشط الخطأ واخفائه تماما. 

ربما يحتاج الشخص ايضا الى تعلم مهارة جديدة فيجد أنه يتعين عليه أن يسأل أحد ممن يعتقد أنهم يعرفون فى هذا العلم ثم يذهب الى إحدى المكتبات العامة للبحث فى قاعدة بيانات الكتب الورقية المكونة من مجموعة كروت صغيرة مخزنة فى أدراج كبيرة، أو تحتاج كل أسرة جديدة لاقتناء كتاب فن الطهى لمؤلفته أبلة نظيرة لمساعدة العروس الجديدة فى صنع الاكلات. وان يذهب الى أحد محال بيع الاسطوانات لشراء أغنية جديدة للمطربة المفضل ثم يعود بها الى المنزل حذرا خلال الطريق ووسائل المواصلات لكى لا تصاب الأسطوانة بأى سوء، أو يضطر إلى الانتظار طويلا لمشاهدة فيلم السهرة كما يضطر الى سؤال هذا أو ذاك عن كل ما يتعرض له من معارف ومصطلحات جديدة تمر أمامه ولكن فى جميع الأحوال سيتعرف على اهله وأصدقائه تمام المعرفة من خلال التواصل الاجتماعى الحقيقى والذى يشمل جلسات سمر وتسلية وترفيه حول وليمة أو اكواب مزركشة تحتوى على مشروب الشاى وقطع الحلوى وفى الخلفية يشدوا الراديو بأغنية فريد الأطرش «الحياة حلوة بس نفهمها .الحياة غنوة محلى أنغامها» وهو ما قد يجعله يدمر آلة الزمن لكى يضمن بقاءه فى هذا الزمن الجميل إلى الأبد.