الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«بيت روز»

«بيت روز»

الحب هو الذى يجعلنا نعيش ونستمر، هو الدافع لنتحمل كمًا لا بأس به من الصعوبات والضغوطات فى حياة مليئة بالمتاعب، هو الذى يجعل لأيامنا لونًا مبهجًا يدعو للتفاؤل، ومعنى جميلًا يصبرنا على مر الليالى، وطعمًا حلو أشبه بقطع السكر، ونسمة هواء باردة فى ليلة صيف شديدة الحرارة، فالقلب الذى يملأه الحب قادر على أن ينطلق ويحلم ويفكر ويبدع وينسجم مع محيطه، ليحيا بالنهاية مع من يحب  فى بيت جميل إنه «بيت روز»، ذلك البيت الذى تحلم كل فتاة أن تعيش فيه مع نصفها الآخر ولكن قد تأتى الرياح بما لا تشتهى سفننا.



«بيت روز» عرض مسرحى يستحق المشاهدة، إنتاج مسرح الطليعة بالعتبة لمديره الذى أعتز بمعرفته المخرج المبدع عادل حسان، أما بطلاته, فهن أربع فتيات «سارة» أو سالى سعيد التى تجسد دور انفلونسر على السوشيال ميديا، وكل زواجاتها باءت بالفشل، لأنها تريد رجلًا يعاملها كشريك حياة، يقدرها ويحترم مشاعرها، يفعل من أجلها كل شىء لأنها تستحق، هذا الفشل أصابها بجروح عميقة وغائرة تتظاهر بعكسها, لكنها تتألم فى صمت، لتعبر عن حال شريحة ليست بالقليلة من السيدات اللاتى حصلن على لقب مطلقة، سواء كان ذلك بإرادتها أو رغمًا عنها, لكن فى النهاية هناك شىء ما انكسر بداخلها.

أما نادية حسن أو «منار»، فهى فتاة فشلت فى قصة حبها القديمة لأن من أحبته لم يتحرك نصف خطوة من أجلها، وفضل أن يجلس فى البيت مقابل نزولها للعمل، ليضع مخرج ومؤلف العرض محمود جمال حدينى يده على أزمة متفاقمة ومرض مستشرٍفى المجتمع تعانى منه نسبة لا بأس بها من السيدات المعيلات اللاتى جعلتهن الظروف يقودن سفينة الحياة والإنفاق على الأبناء بعد أن تخلى الزوج عن مسئولياته لمزاجه أو لسبب قهرى.

الظروف التى عاشتها «منار» جعلتها تتردد كثيرًا فى مقابلة العريس الجديد الذى يريد رؤيتها، ليكون ذلك حجة قوية لترتيب مقابلة بين الصديقات الأربع لمناقشة قضية زواج الصالونات، وأيهما أفضل الزواج عن الحب أم زواج الصالونات الذى أصبح موضة قديمة فى نظر البعض، وطريقة هايلة للزواج وبدء حياة جديدة فى نظر أخريات بعيدًا عن الوحدة ومشاكلها وما تفرزه من أمراض نفسية وربما جسدية أيضًا.

أما هاجر حاتم أو «نوران» فهى فتاة تعدت الثلاثين لم تتزوج، ربما لأنها لم تجد من يحبها، أو لم تقابل من تشعر تجاهه بمشاعر حقيقية، فتحاول أن تشغل وقتها بالعمل، وهذا الأمر أصابها بالتردد فيما يخص زواج الصالونات، فتارة توافق وتارة ترفض وكله بالحجج والبراهين، أما الصديقة الرابعة لهن, فهى سماح سليم التى تقوم بدور «سحر» وهى زوجة مغلوبة على أمرها تحاول أن تجعل المركب تمشى كما يقول المثل الشعبى، فتتحمل العنف والضرب من زوجها الأنانى المسيطر من أجل الأبناء، فنجدها تكذب عليه حينما طالبها بمقاطعة صديقتها الانفلونسر التى تدافع عن المرأة وحقوقها، خشية أن تؤثر عليها فتطلب الطلاق هى الأخرى، لكنها لم تفعل.

بمجرد دخولك قاعة صلاح عبدالصبور على مسرح الطليعة, ستقابلك مريم عيد التى تجسد دور نادلة الكافيه الذى تتقابل فيه الصديقات الأربع، لترشدك بابتسامة جميلة صافية إلى مكان مناسب للجلوس وكأنك بالفعل فى كافيه يحوى زبائن وهو الجمهور، وبالطبع الكافيه لابد له من منيو يتضمن بطلات العرض الرائعات ومؤلفه ومخرجه العبقرى المبدع محمود جمال حديني، ورغم أن مريم لم تتحدث كثيرًا لكن صمتها كان يخفى وراءه العديد من المشكلات والهموم، ومن منا بلا هموم بحاجة إلى أن يحكيها أو يشاركها مع صديق أو قريب أو حبيب، فالفضفصة تجعلنا نتحسن نفسيًا.

 تعددت  القضايا الشائكة التى طرحتها الفتيات فى القعدة، وكأنك أمام مجتمع نسوى مصغر، يتعرض لكثير من مشاكل المرأة فى مجتمعنا، والتى تجعلك تنفجر، من الضحك مرة ومن البكاء تارة أخرى، لتنتابك مشاعر متناقضة، ومختلطة، ما بين السعادة كونك متفرجًا لعرض مسرحى أشبه بالسينما ، وما بين شجن وحزن ربما لرؤية ذاتك فى إحدى هؤلاء الفتيات اللاتى لم يمثلن بل كانوا صادقات فى وصف تجربة أو أكثر قد تكون مرت بها كل فتاة فى الثلاثينيات.

سنجد فى العرض المرأة التى تعرضت للعنف من زوجها أمام أبنائها, ولكنها قررت أن تستمر من أجل أبنائها وأخذت حقها بأنها شتمته، والمطلقة التى أصبحت على حد وصف صديقاتها والمجتمع «متعودة دايمًا» على الطلاق لأنها لا تقبل إهانة كرامتها، وقررت أن تدافع عن المرأة وحقوقها وألا تقبل الزواج برجل يقلل منها, فأصبحت محط هجوم من مجتمع الرجال، والفتاة التى تريد أن تشعر أنها محبوبة، والتى تريد أن تتزوج بشخص تحبه ولكنها تخشى من زواج الصالونات حتى لا تصدم، وبين كل هذه المشاكل وتلك الأزمات ستجد الجمهورسعيًدا بالعرض الذى رفع شعار «كامل العدد».